عندما كانت معركة فلسطين إسلامية القيادة والوجهة، تضاعفت خسائر اليـ.هود، واصطدمت أمانيهم بأسوار من حديد. ولو استمرت المعركة على طبيعتها فترة أخرى لولّى اليـ.هود الأدبار، ورجعوا من حيث جاءوا إلى شرق أوروبا أو غربها.. ولكن تم سحب الإسلام من المعركة، وأخذ العرب يقاتلون بلا دين فقامت إسـ.رائيل، ونفخ أوداجها الغرور.. ثم عاد الإسلام كرّة أخرى إلى الساحة، فإذا انتفاضة جديدة تُشعل نار المقاومة، وتُذكّر العدو والصديق بأن الإسلام وحده هو الحل وطريق النجاة..

الشيخ محمد الغزالي “السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث”

الخلل الذي أُريد له أن يضرب الأمة من جذورها

في العام ١٩٣٨م، التحق الضابط العسكري العراقي “محمود شيت خطاب” (١٩١٩ – ١٩٩٨م)، بسلاح الخيالة في بغداد، ولكنه فوجيء وهو القادم من أسرة شريفة النسب صالحة الإيمان، بتعجب زملائه وقائد سريته وسخريتهم منه لأنه لا يشرب الخمر!. وقد بلغت المفاجأة ذروتها عندما رأى العقيد قائد الكتيبة المخضرم الذي خدم في جيوش الدولة العثمانية، ملحدًا غارقًا في الملذات معاقرًا للخمور!1[١] بين العقيدة والقيادة، محمود شيت خطاب، صـ٣٢، دار القلم دمشق، طبعة ١٩٩٨م....

ومن هذا الموقف وضع “شيت خطاب” يده على الخلل الذي أُريد له أن يضرب الأمة من جذورها وينزع عنها سبيل نصرها ومصدر قوتها، وهو ما صار حريصا على محاربته طوال حياته المديدة في وظيفته العسكرية ومن خلال كتبه ومقالاته الفكرية التي ملأت ثغرة عظيمة في المكتبة العربية والإسلامية، ومنها كتابه الرائع “بين العقيدة والقيادة”، والذي أبرز فيه القيمة العظيمة للعقيدة كسبب من أسباب النصر عند المسلمين وغير المسلمين أيضا!..

دور العقيدة كسبب من أسباب النصر عند المسلمين وغير المسلمين

فإن العقيدة التي يمكن تعريفها بأنها المباديء التي يؤمن بها الإنسان ويضحي من أجلها بالمال والنفس لأنها أغلى من المال والنفس، تُعتبر أعظم قوة محركة للإنسان عبر التاريخ. حيث السرّ في الاعتقاد ليس في كونه صحيحًا، إنما في الإذعان والانقياد بعد التصديق اليقيني، فمن يعتقد في دينٍ اعتقادا جازما مستيقنًا مذعنا لاعتقاده فهو حامل عقيدة ولو كانت فاسدة!..

ولذلك حرص الاستعمار على نزع العقائد وقتلها في قلوب الشعوب المستعمرة، مع الحرص عليها وتغذيتها في نفوس قادته وأبناء قومه، ففي حين ساد الاعتقاد في صفوف الجيوش العربية آنذاك بأن العقيدة تخلف وجمود، وإن التقوى بلادة وتواكل، كان القائد العام للقوات البريطانية  المارشال مونتجمري ، الذي هزم القوات الألمانية بقيادة “روميل” في معركة العلمين أواخر سنة ١٩٤٢م، من أشد المتدينين المؤمنين بالمسيح، ورغم عقليته الاستراتيجية الفذة فقد كان دائم القول: «إن القائد العام إذا أراد النجاح في الحرب يجب أن يكون ذا يقين باطني يسمو أحيانا فوق العقل»!2[٢] المصدر السابق صـ٦٧، نقلا عن السبيل إلى القيادة، مونتجمري، الباب الثالث، صـ٦٤..

ومن الأهمية بمكان معرفة أن أشد الناس تقديرا لقيمة العقيدة وقوتها في ذلك الوقت هم قادة اليـهود الصـهاينة، الذي زرعوا في نفوس أتباعهم اليقين بأنهم النسل المقصود في قول الرب بالكتاب المقدس: «سأعطي نسلك هذه الأرض من وادي العريش إلى النهر الكبير، نهر الفرات»!. [سفر التكوين: الإصحاح ١٥ – الآية ١٨]..

وهو ما شهدنا صداه جليًّا في كلام الجنرال “موشى ديان”: «إذا كنا نمتلك التّوراة، ونعتبر أنفسنا شعب التوراة، فمن الواجب علينا أن نمتلك جميع الأراضي المنصوص عليها في التوراة»!3[٣] الأسـاطير المؤسِّـسـة للسـياسة الإسـ.رائيلية، روجيه جارودي، ص٤١، دار الشروق، ط.الثانية ١٩٩٨م..نقلا عن صحيفة جيروزاليم بوست، عدد ١٠ أغسطس ١٩٦٧م....

فلسطين قضية إسلامية مصرية، كما هى عربية

وفي المقابل من ذلك ظهرت في أمة الإسلام جماعة أخرى متسلحة بالعقيدة أيضا لمحاربة هذه الدعوة الخبيثة، ومقاومتها بشتى الوسائل، وقد تَفَطّن لها القوم حين عرض مرشدها ومؤسسها الإمام حسن البنا (١٩٠٦ – ١٩٤٩م)، في ٨ أكتوبر ١٩٤٥م، وضع عشرة آلاف شاب من جماعة الإخوان المسلمين تحت تصرف الجامعة العربية للمساهمة في مقاومة الاحتلال ووقف الهجرة الصـهيونية إلى فلسطين، وأعلن في صحيفة “البلاغ”: «إن فلسطين قضية إسلامية مصرية، كما هى عربية»..

كما أرسل وكيل الجماعة للشؤون العسكرية وقائد جوالتها الضابط “محمود لبيب” إلى فلسطين ليتسلم منصبه كقائد لمنظمة الشباب الفلسطينية العربية الموحدة!4[٤] من قتل حسن البنا، محسن محمد، صـ٢٧٢، دار الشروق، ١٩٨٧م...

وسبق ذلك أيضا جهود مشهودة عندما اشتعلت الثورة العربية الكبرى في فلسطين في العام ١٩٣٦م، بعد استشهاد الشيخ المجاهد عـز الدين القـسام، ومناشدة الهيئة العامة العربية العليا برئاسة الحاج أمين الحسيني –مفتي فلسطين– العمال ورجال الأعمال العرب الإضراب والامتناع عن العمل وسداد الضرائب للضغط على بريطانيا ومطالبتها بوقف هجرة اليـهود. وهو الإضراب الذي استمر سبعة شهور شُلّت خلاله حركة المواصلات والنقل والزراعة وهوجمت المستوطنات الإسـرائيلية. وتدفقت التبرعات وجاء المتطوعون العرب من الشام ومصر وفيهم مجموعة كبيرة من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، ليشتركوا مع الثوار ضد الانتداب البريطاني والمستعمرات الصـهيونية!.

وقد سجلت ذلك الوثائق الصادرة من السفارة البريطانية، حيث جاء في أحد تقاريرها: «أرسل الإخوان المسلمون التبرعات المالية والأسلحة للثوار الفلسطينيين وصنعوا لهم القنابل اليدوية وقاموا بالدعاية للثورة. واتضح أن معظم المنشورات التي ظهرت في الأسواق عن فلسطين كتبها الإخوان المسلمون»!5[٥] مصدر سابق، من قتل حسن البنا، صـ٢٦٩ ...

أصحاب العقيدة هم الأشد خطرا على المشروع الاستعماري الصـهيوني

من أجل ذلك كانت الجماعة صاحبة العقيدة هى الأشد خطرا على المشروع الاستعماري الصـهيوني في المنطقة، وكان لبسالة مقاتليها في حرب فلسطين ١٩٤٨م أروع الأمثلة، وخاصة عندما قامت سرية من كتيبة الإخوان بعملية استشهادية بالغة الإقدام لاسترداد مرتفع التبة ٨٦ الاستراتيجي في منطقة دير البلح والذي استولى عليه اليـهود من الجيوش العربية النظامية، فطلب القائد العام “فؤاد صادق” إرسال قوة من متطوعي الإخوان، الذين رُوّع اليـهود وفزعوا حين رأوهم، يلقون بأنفسهم فوق الخنادق ووسط قذائف اللهب لصعود التبة، ويعاركونهم بالسلاح الأبيض ورغم كثرة الضحايا من الإخوان، إلا أنهم تمكنوا من استرداد التبة وفتكوا بكل من فيها من الصـهاينة فلم ينج منهم أحد!6[٦] أسرار حركة الضباط الأحرار، حسين محمد حمودة، صـ٦٥، طبعة دار الزهراء للإعلام العربي، ١٩٨٥م...

فكان هذا أهم الأسباب وراء تآمر الملك “فاروق” والحكومة المصرية مع المستعمر البريطاني في إصدار قرار حل الجماعة ومصادرة أموالها وسجن أعضائها والقبض على مقاتليها في فلسطين واعتقالهم قبل العودة إلى مصر، ثم اغتيال مرشدها ومؤسسها “حسن البنا”!..

وبالمثل كذلك وكَردِّ فعل مضاد، كانت حرب فلسطين وخيانات القصر والحكومات المصرية، الدافع الأقوى وراء الثورة المصرية في يوليو ١٩٥٢م!..

ورغم استبشار الأمة الإسلامية وشعورها –خاصة أبناء المخيمات الفلسطينية والمهجرين ومن وقعوا تحت الاحتلال بعد النكبة الكبرى في ١٩٤٨م– بالأمل والتفاؤل مع مجيء الثورة والعودة للعقيدة الإسلامية، حتى أن الدكتور طه حسين المعروف بتوجهاته الغربية وموقفه السابق العدائي للتراث والثقافة الإسلامية وقف في الرابع من يونيو ١٩٥٣م، حين كان عضوا في لجنة وضع الدستور الجديد، يقول:

«إن من المقطوع به أن الأغلبية لن تقبل أن تخرج عند وضع الدستور على ما أمر به الإسلام، ولا يجب أن نعدل عن نص القرآن، وإذا احترمت الدولة الإسلام، فلابد أن تحترمه جملة وتفصيلًا، ولا يكون الإيمان إيمانًا ببعض الكتاب وكفرًا ببعضه الآخر»!7[٧] فكر التنوير بين العلمانيين والإسلاميين، د/محمد عمارة، صـ٤١، طبعة دار الصحوة، ١٩٩٥م، نقلا عن لجنة مشروع الدستور، طبعة القاهرة، صـ٨١ وزارة الإرشاد القومي....

ولم يستمر ذلك الأمل طويلا حيث وأده طغيان “جمال عبد الناصر” وانقلابه على الرئيس “محمد نجيب”، واعتقال وقتل جماعة الإخوان المسلمين في العام ١٩٥٤م، ثم التوسع في نشر المذاهب الشيوعية بخلفيتها المنكرة للدين في البلاد، فكانت الضربة القاصمة للأمة والقضية الفلسـطينية في ذلك الوقت والتي نالها الضرر والضياع مرتين الأولى في هزيمة العام ١٩٥٦م، والثانية في النكسة الكبرى في يونيو من العام ١٩٦٧م..

الشيوعيون يعيدون إحياء العقيدة في قلوب الجند

ومن الجدير بالذكر هنا أن الشيوعيين الروس أنفسهم الذين أنكروا الدين وحاربوا العقائد وسخروا من البعث والحياة الآخرة، عرفوا الأثر السلبي لتلك الدعوة الإلحادية، في أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما رأوا تخاذل شعوبهم أثناء هجوم الجيش الألماني النازي عليهم وقد بلغ الألمان أبواب عاصمتهم ستالينجراد، ووقوف الفلاح الروسي مستكينا لا يجد الدافع للقتال لأنه لا يعرف لماذا يحارب ولماذا يموت، حيث لا بعث ولا جنة ولا تكريم لشهيد، فقد سلبت منه الشيوعية الجنة، وسرقت منه الخلود فلم يعد يتحمس لشيء!.

فلم يجد الزعيم السوفيتي “ستالين” بدًا من أن يعود فيبني الكنائس ويفتح المساجد ليحيي القلوب التي ماتت!8[٨] لماذا رفضت الماركسية، د/ مصطفى محمود، صـ١٣، المكتب المصري الحديث، ١٩٧٦م....

ولذلك بعد هلاك الطاغية عبد الناصر، تم الاستعانة بالعلماء والدعاة في إعادة إحياء العقيدة في قلوب الجند المرابطين في جبهات القتال، حتى كانت صيحة الله أكبر هى الزئير الأقوى الذي خلع قلوب العدو في حرب رمضان ١٣٩٣ه‍ـ/ أكتوبر ١٩٧٣م، وعملق الجندي المصري ليعبر الحاجز الترابي الشاهق ويحطم حصون خط بارليف المنيعة!..

 

ولكن كشأن كل دنيء عندما يتمكن من كرسيه، قام السادات الذي كان في بداية عهده حملا وديعًا على خلاف سابقه الطاغية، بالتنكر لأسباب النصر الذي أجهضه، والارتماء في الحضن الأمريكي، وأبدى إعجابه بالأغبر كمال أتاتورك الذي أسقط الخلافة والعقيدة في تركيا وجعله قدوةً ومثالًا، وقام بتفريغ العقيدة عندما نعق بمقولة العلمانية: لا دين في السياسية ولا سياسة في الدين!..

ثم كانت القاصمة بمحاولة كسر الحاجز النفسي ، ضد العدو الصـهيوني بعد اتفاقية السلام المصرية ١٩٧٩م، والتي كانت تعلو في حالة التعارض فوق أي إتفاقية عقدتها مصر مع أي دولة أخرى سواء غربية أو حتى عربية إسلامية!.

ومع ذلك لم ينجح السادات ودعاية نظامه بسبب صلابة العقيدة في ظل الصحوة الإسلامية الكبيرة وقتها، في تخطي تلك العداوة والسير باتجاه التطبيع!.

فلما أرادت إسرائيل أن تختبر قدراتها، واشتركت في معرض القاهرة الدولي للكتاب، تظاهر الشباب المصري ضد المشاركة وخاصة عندما شاهدوا السفير الإسـرائيلي يهين العلم الفلسطيني، وقد اعتُقِل العديد من الشباب بسبب ذلك وتعرضوا للتعذيب»!9[٩]محاكمة فرعون، شوقي خالد، ص٢٠٢، طبعة دار سيناء، الطبعة الثالثة سنة ١٩٨٨م..

وظهرت قوة تلك العقيدة بقوة في محاكمة قتل السادات التي حولها المحامون من الدفاع عن المتهمين إلى محاكمة عصر السادات وسياسته التي كانت من أهم الدوافع والأسباب وراء اغتياله!.

حيث طالب المحامون باستدعاء رأي علماء الدين المحترمين في تلك السياسة وشرعية الاتفاقية، فكان من هؤلاء الشيخ “صلاح أبو إسماعيل” عضو مجلس الشعب وأحد علماء الأزهر الشريف، والذي قدم شهادة مطوّلة اتَّهمَ فيها السادات بأنه راح يُلبس الحق بالباطل، ويكتم الحق وهو يعلم، حين أصبح يقول ﴿وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾… برغم أنه هو صاحب المبادرة، الذي جنح جنوحه للسلم، في وقت رحى الحرب دائرة وهو أمر محظور شرعًا، وعنه يقول الله تعالى: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ﴾10[١٠] الشهادة في قضية تنظيم الجهاد، صلاح أبو إسماعيل، صـ٨١، طبعة دار الاعتصام، سنة ١٩٨٤م..

وبطبيعة الحال لم تُسلِّم الدولة بهذا القول الحق، ففي معرض الدفاع عن سياسة السادات التطبيعيّة مع العدو طلبت النيابة رأي شيخ الأزهر وكان وقتها الإمام “جاد الحق علي جاد الحق”، الذي انبرى مع مجموعة من علماء الدولة منهم  د/ السعدي فرهود، ود/ أحمد عمر هاشم ود/ الأحمدي أبو النور، في كتابة تقرير للرد على تلك الشهادة العظيمة للشيخ “صلاح أبو إسماعيل”!.

فكان تقريرهم تأييدا لقول الرئيس السادات: «إن حرب أكتوبر ١٩٧٣م، هى آخر الحروب»، واستشهدوا بقول الله تعالى:

﴿فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا ﴾!..

وهو استشهاد في غير محله لأن الاعتزال والمسالمة في الآية، ليسا لشعب على حساب سائر الشعوب الإسلامية، وإنما لأمة الإسلام كلها، والمؤمنون إخوة!.

كما قارن الشيخ الجليل “صلاح أبو إسماعيل”، وقتها بين رد الفعل للنظام المصري بالعزل والتنكيل بكل من رفض الإتفاقية، وبين ما حدث في إسـرائيل حين مزقتها الزعيمة الصـهيونية “جيئولا كوهين” على شاشات التلفزيون الإسـرائيلية، فما عُزلت هناك سياسيًّا ولم يمنعها أحد من تكوين حزب تتزعمه، ولم يسقطوها في الانتخابات بالتزوير كما فعل السادات ونظامه!11[١١] المصدر السابق “الشهادة”.. صلاح أبو إسماعيل، صـ١٩٣.

ولمْ تمزق الزعيمة الصـهيونية المتشددة الاتفاقية، لأنها وبالا على إسـ.رائيل ولكن لأن عقيدتها تطالبها بأكثر من ذلك، تطالبها بقول الرب: «الآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال، اقتلوا أيضا كل امرأة ضاجعت رجلًا، ولكن استحيوا لكم كل عذراء لم تضاجع رجلًا…

هكذا هاجم يشوع كل أرض الجبل والمناطق السهلية ودمرها وقتل كل ملوكها، ولم يفلت منها ناجٍ، بل قضى على كل حي كما أمر الرب إله إسـرائيل»!. [سفر يشوع ١٠ :  ٢٨ – ٤٠]..

وشارك  “جيئولا كوهين”  في عقيدتها المتطرفة تلك، العديد من الشخصيات اليـهودية من أصحاب القرار، حيث سبقتها رئيسة الوزراء “جولدا مائير” بالتصريح: «ليس هناك شعب فلسطيني … ولم يكن الأمر أننا جئنا وأخرجناهم من الديار واغتصبنا أرضهم. فلا وجود لهم أصلًا»!12[١٢] جولدا مائير، صحيفة صنداي تايمز، ١٥ يونيو ١٩٦٧م، نقلا عن الأساطير المؤسسة… جارودي، صـ٢٢٣....

وإذا كان هذا شأن النساء في إسرائيل، ألا يحق لنا أن نتمسك بعقيدتنا الحقة الصحيحة التي يأمرنا الله تعالى فيها بعد النهي عن موالاة اليـهود في سورة المائدة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ﴾.. وهو القائل سبحانه في سورة الصف: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾…

فهل علينا نحن فقط أن نُنحي عقيدتنا ونكبلها ونحن نرى العدو يطلق لها العنان، ثم نرجو أن نربح منهم ذلك السباق!.

أَمِنَ العدل أنهم يردون الماء  …  صفوًا وأن يُكدّر وردي؟!.

أمِن الحق أنهم يطلقون الأسد … منهم وأن تُقيّد أُسْدِي؟!.

في الأخير لا بُدّ أولًا من الانتصار في معركة العقيدة ضد من يحاربها في بلاد الإسلام من أنظمة الجور الذين جعلوا أنفسهم خطًا دفاعيًّا أماميّا يجب تجاوزه قبل التوجه لتحرير مقدساتنا المحتلة!.

ومازال للحديث بقية -بإذن الله تعالى- عن الملحمة الجـهادية التي تدور الآن في الأرض المباركة، فهذه قضيتنا الأولى كعرب ومسلمين، والتي أرادوا حظرها ومحاصرتها، لكن يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ..

الهوامش

[١] بين العقيدة والقيادة، محمود شيت خطاب، صـ٣٢، دار القلم دمشق، طبعة ١٩٩٨م..

[٢] المصدر السابق صـ٦٧، نقلا عن السبيل إلى القيادة، مونتجمري، الباب الثالث، صـ٦٤

[٣] الأسـاطير المؤسِّـسـة للسـياسة الإسـ.رائيلية، روجيه جارودي، ص٤١، دار الشروق، ط.الثانية ١٩٩٨م..نقلا عن صحيفة جيروزاليم بوست، عدد ١٠ أغسطس ١٩٦٧م..

[٤] من قتل حسن البنا، محسن محمد، صـ٢٧٢، دار الشروق، ١٩٨٧م.

[٥] مصدر سابق، من قتل حسن البنا، صـ٢٦٩ ..

[٦] أسرار حركة الضباط الأحرار، حسين محمد حمودة، صـ٦٥، طبعة دار الزهراء للإعلام العربي، ١٩٨٥م..

[٧] فكر التنوير بين العلمانيين والإسلاميين، د/محمد عمارة، صـ٤١، طبعة دار الصحوة، ١٩٩٥م، نقلا عن لجنة مشروع الدستور، طبعة القاهرة، صـ٨١ وزارة الإرشاد القومي..

[٨] لماذا رفضت الماركسية، د/ مصطفى محمود، صـ١٣، المكتب المصري الحديث، ١٩٧٦م..

[٩]محاكمة فرعون، شوقي خالد، ص٢٠٢، طبعة دار سيناء، الطبعة الثالثة سنة ١٩٨٨م.

[١٠] الشهادة في قضية تنظيم الجهاد، صلاح أبو إسماعيل، صـ٨١، طبعة دار الاعتصام، سنة ١٩٨٤م

[١١] المصدر السابق “الشهادة”.. صلاح أبو إسماعيل، صـ١٩٣

[١٢] جولدا مائير، صحيفة صنداي تايمز، ١٥ يونيو ١٩٦٧م، نقلا عن الأساطير المؤسسة… جارودي، صـ٢٢٣..

المصدر

صفحة الأستاذ أحمد الشريف.

اقرأ أيضا

طوفان الواجبات.. وواجبات الطوفان

أحوال اليهود عند القتال

وأعِدُّوا

إرهاصات النصر

لماذا يا حماس؟!

طوفان الأقصى

التعليقات غير متاحة