يعمل أعداء الدين علي تضييق الحال علي أهل اليمن لتحقيق مكتسباتهم وضرب قيم وثوابت المجتمع اليمني وإحلال الخراب بهذا البلد الرفيع.

اجتماع المآسي علي أهل اليمن

مازالت معاول الهدم تعمل ليل نهار في هذا البلد الرفيع القدر العالي المنزلة بتزكية النبي صلى الله عليه وسلم؛ فها هي العملة المحلية تفقد نحو ثلث قيمتها مجددًا، وها هي الأسعار تتقافز إلى مستويات خيالية غير مسبوقة، والكهرباء حلم لا يكاد يُدرك إلا قليلًا، والماء نعمة نادرة الوجود، والغاز أمنية تداعب خیال ربات البيوت، والقتل استحر بأهل الخير والصلاح على يد عملاء الصهيونية والصليبية العالمية، والحكومة لا تجد لها موطن قدم تمارس فيه مهامها، والرئيس غائب مُغيب، والمسؤلون -عامَّتهم- يرتعون ويبحثون عن الغنائم، والأحزاب لا وجود لها على أرض الواقع، والفقر يخيم على العامَّة، والطلاب ضائعون لا يجدون علمًا ولا تربية، والمدرسون لشدة فقرهم عاجزون عن الوصول لمدارسهم وإن وصلوا فعقولهم سارحة خلف سلاسل مشكلاتهم المتتابعة، والمخدرات تنهش في الشباب وتنتشر انتشارًا ضخمًا… وهكذا شجون لا تنتهي.

استغلال ما حلَّ بأهل اليمن لضرب قيم وثوابت المجتمع اليمني

وفي خضم ذلك -وفي غفلة من الناس- تعلن السفارة الأمريكية في اليمن على مواقع التواصل الاجتماعي مشروعا تدميريًّا لدين وأخلاق المسلمين في اليمن؟ قالت السفارة في منشورها:

“البيوت الإبراهيمية : حيث يمنح الشباب البالغين من مختلف الأديان زمالة للعيش في منزل مدعوم للإيجار للسعي لمعرفة المزيد عن المعتقدات الدينية لبعضهم بعضًا أثناء ذهابهم الى حياتهم اليومية”..

منزل خاص بالبالغين، ودعوة إلى سكن مشترك -وبالطبع سيكون ذلك من الشباب والفتيات-..

ولا يخفى أن هذه الخطوة الخطيرة لضرب قيم وثوابت المجتمع اليمني لم تأت من فراغ، بل سبقها تمهیدات من مئات المنظمات المنتشرة العاملة في البلاد والتي ترفع – كذبًا وزورًا- راية الاهتمام بالوضع الإنساني في اليمن..

ويتزامن ذلك مع ما حملته الأخبار عن الاتساع المطَّرِد لرقعة التجارة والتعاطي لمادتي “الشبو” و”الحشيش المخدر” في مدينة سيئون – مع غياب الأجهزة الأمنية في المدينة -، مع تصاعد إقبال الشباب على تلك المادتين خلال الآونة الأخيرة…

ويتزامن ذلك -أيضًا- مع ما حملته الأخبار في عدن من أن تجارة المخدرات وحبوب الهلوسة تشهد رواجًا كبيرًا ضمن عمليات تهريب متعددة تشمل الوقود والأسلحة والأدوية وغيرها، وقد اشتهرت منطقة “رأس عباس” بالنشاط الواسع في هذه المجالات، مع تغافل وتورُّط قيادات أمنية وعسكرية كبيرة.

وتواجه السلطات اتهامات بالوقوف خلف عمليات تهريب المخدرات إلى مدينة عدن، وقد تم الكشف عن إدخال كميات كبيرة من المخدرات من بينها 3 أطنان من البودرة جرى ضبطها في حاويات سكر قادمة من البرازيل قبل دخولها إلى عدن.

تقرير حكومي صادم عن الجرائم بحق الشعب اليمني

وتزامن كل هذا مع كشف تقرير حكومي يمني عن أرقام صادمة لعدد القتلى في البلاد خلال ۱۱ شهرًا فقط، فقد قالت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في تقريرها الدوري التاسع إنها تمكنت خلال الفترة من 1 آب/أغسطس ۲۰۲۰ وحتى 1 تموز/يوليو ۲۰۲۱، من رصد وتوثيق 3624 واقعة انتهاك قامت بها مختلف أطراف الصراع دون استثناء في محافظات البلاد كافة.

وكان إجمالي عدد الضحايا الذين سقطوا: 4642 ضحية.

وكان أبرز الانتهاكات: قصف مطار عدن الدولي في ۲۰ ديسمبر/ كانون أول ۲۰۲۰-، وحادثة احتراق مركز احتجاز اللاجئين الأفارقة بصنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثي، وقضايا النساء.

وبحسب اللجنة اليمنية للتحقيق، فإنها رصدت وحققت في ۸۹۹ واقعة قتل وإصابة مدنيين، حيث بلغ عدد الذين قتلوا 435 من إجمالي الضحايا الذين وصل عددهم إلى ۱۲۹۳، بينهم 63 طفلًا و43 امرأة.

فيما بلغ عدد الجرحی ۸5۸ جريحًا مدنيًّا، بينهم ۱۷۹ طفلا و ۹۰ امرأة.

وقال التقرير؛ إن الحوثيين مسؤولون عن 235حالة قتل، و714 حالة إصابة.

فيما قتل 151قتيلًا وأصيب 123جريحًا، بضربات للقوات الحكومية، والجهات المحسوبة عليها.

كما ذكر أن الأطراف السابقة تقع عليها مسؤولية مشتركة في سقوط 14 قتيلًا و17 جريحًا.

ورصدت اللجنة الوطنية للتحقيق في تقريرها ۱۳۰ حالة زراعة ألغام فردية قامت بها جماعة الحوثي، نتج عنها 61 قتيلًا، بينهم 11 طفلًا و8 نساء، وأصيب ۸۹ آخرون بينهم 17 طفلًا و6 نساء.

كما وثق التقرير اليمني ۱۲۳ حالة تجنيد أطفال من قبل الحوثيين، فيما تورطت “الشرعية” والجهات المحسوبة عليها في 9 حالات بتجنيد أطفال.

كما لفت إلى أنَّه تم توثيق ۲۸ حالة اعتداء وإضرار بأعيان ثقافية وتاريخية من قبل جماعة الحوثي، مؤكدة أن حالتي اعتداء بتلك الأعيان، تقع مسؤوليتها على القوات التابعة للحكومة المعترف بها والجهات المحسوبة عليها من مجموع ۳۲ واقعة.

وذكرت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الانسان، أن الحوثيين تورطوا في ۱۱ حالة استهداف للطواقم الطبية والمنشآت الصحية، فيما تم التثبت من حالتي استهداف لتلك الطواقم من قبل القوات الحكومية..

وأظهر التقرير نتائج تحقيقه في عمليات القتل خارج نطاق القانون؛ إذ تم توثیق 42حالة قام بها الحوثيون، و6 حالات أخرى، قامت بها قوات الجيش والجهات الأمنية التابعة للحكومة.

كما اتهم تقرير اللجنة اليمنية الحوثيين باعتقال ۱۰۳۱ شخصًا وإخفائهم، في وقت تورطت الحكومة والجهات الأمنية التابعة لها ب ۱۸۸ حالة اعتقال وإخفاء قسري.

وأوضحت أن عدد حالات التعذيب والمعاملة اللَّا إنسانية والمهينة التي قامت بها جماعة الحوثي، بلغت 76 حالة من إجمالي 86، وقوات الجيش والجهات الأمنية الحكومية الأخرى مسؤولة عن 10 حالات.

كما وثق التقرير 40 واقعة تفجير لمنازل، قام بها الحوثيون، مبينًّا أن واقعة انتهاك واحدة من هذا النوع، نفذتها طائرة أمريكية من دون طيار “درونز”، في محافظة شبوة (جنوب شرق)، وأسفرت عن مقتل طفل واحد.

نتاج تضييق الحال علي المجتمع اليمني

ويأتي كل هذا ضمن استهداف مباشر وممنهج للشعب اليمني الذي أظهرت الإحصائيات أنه أفقر الدول العربية، وفي ذيل كافة المؤشرات العالمية للتنمية والتعليم والصحة وفي كافة المجالات؛ مما دعا الكثير من اليمنيين للنزوح عن بلادهم داخليًا وخارجيًا، حتى وصل كثير منهم للصومال التي كانت حتى وقت قريب جدًا تُصدِّر النازحين لليمن.

وقال المستشار بوزارة الشؤون الدستورية الفدرالية الصومالية مُحمَّد الشريف: ردًّا على بعض الإخوة الذين يستغربون من مواقفنا الداعمة لليمن وأهله، فأقول: إن بيننا وبين اليمن روابط الدين والأخوة والجيرة وغيرها.

وأضاف: وهم أهل فضل سابق علينا، فلقد كانوا ممن فتحوا لنا ديارهم وآوونا حينما قلَّ ناصرنا..

وتابع: وهدِّمت بالحروب منازلنا، ونحن بإذن الله أننا أهل لرِد الجميل جمائل…

وكان من نتاج ذلك -وغيره كثير- أن ضاق الناس ضيقًا عظيمًا؛ فخرجوا في الأيام القليلة الماضية في مدن عدن وساحل حضرموت مطالبين برفع ما نزل بهم من مآسي..

وفيما يظهر لنا للآن أنه لا مجيب لصرخات المتألمين..

رسالة إلي الشعب اليمني

ونحب هنا أن نؤكد على أن الطرقات والمدارس، والعملية التعليمية، والمرافق العامة يجب أن تُصان لمستقبل هذه الأجيال الصاعدة؛ فالعجب كل العجب لمن يحتج على ظلم الظالمين بإيذاء نفسه وأهله ومن لا ذنب له!!

ولا نريد أن نخوض في خلفيات المتظاهرين ودوافعهم، ولكن على الجميع التزام شرع الله عزَّ وجلَّ في كل كبيرة وصغيرة وتجنب الظلم والإيذاء، وإلا لتساوى الظالم والمظلوم في معصية الله عز وجل..

وندعوا الشعب اليمني إلى التوبة والتمسك بالدين، فهو سبب نجاتهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: (وَیَـٰقَوۡمِ ٱسۡتَغۡفِرُوا۟ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوۤا۟ إِلَیۡهِ یُرۡسِلِ ٱلسَّمَاۤءَ عَلَیۡكُم مِّدۡرَارًا وَیَزِدۡكُمۡ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمۡ..)سورة هود[52] وقال تعالى: (وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰۤ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوۡا۟ لَفَتَحۡنَا عَلَیۡهِم بَرَكَـٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِ..)سورة الأعراف[96]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إذا تبايعتُم بالعينةِ وأخذتُم أذنابَ البقَرِ وترَكتُمُ الجِهادَ سلَّطَ اللَّهُ عليْكم ذُلًّا لا ينزعُهُ حتّى ترجِعوا إلى دينِكم.». 1[رواه أبو داود (346۲) وصححه الألباني].

كما ندعوا علماء اليمن لضرورة الاجتماع والنظر في هذه النازلة العظيمة التي حلت باليمن وبحث سبب الخروج منها، والأخذ بزمام المبادرة، وقيادة الأمة اليمنية إلى برِّ الأمان..

حمى الله تعالى اليمن وعامة بلاد المسلمين من كلِّ سوء..

الهوامش:

  1. [رواه أبو داود (346۲) وصححه الألباني].

اقرأ أيضًا:

 

التعليقات غير متاحة