لما كان العلم بفقه المآلات يزيد العبد إقداما أو إحجاما على العمل، كما أنه يدفع الفقيه للإقدام أو الإحجام على الفتوى.. فيجب توضيح أمثلة معاصرة، خطورة إهمال اعتبار المآلات.

مقدمة

أوضح الكاتب أنه على الناظر في فقه النوازل أن يحصّل العلم بأسماء الله تعالى وصفاته والتعرّف اليه تعالى الجزء الأول، والعلم بالسنن الإلهية الجزء الثاني، والعلم بفقه الموازنات والأولويات وفقه المآلات الجزء الثالث، ثم أوضحنا أمثلة على الخلل في العلم بفقه الموازنات الجزء الرابع.. ثم العلم بفقه المآلات الجزء الخامس.

ولما كان العلم بفقه المآلات يزيد العبد إقداما أو إحجاما على العمل، كما أنه يدفع الفقيه للإقدام أو الإحجام على الفتوى.. فلهذا نضرب في هذا المقال أمثلة معاصرة، للتوضيح والتطبيق وبيان خطورة الأمر ونتائجه..

أمثلة معاصرة على عدم اعتبار المآلات

وهذه بعض الأمثلة من واقعنا المعاصر يظهر فيها الخلل الناشئ من عدم العناية بفقه المآلات في المواقف والأحكام:

المثال الأول:

الاستعجال في المواجهة المسلحة مع الباطل

الاستعجال في المواجهة المسلحة مع الباطل وأهله بحجة ظهور الكفر البواح دون دراسة المفاسد والمآلات السيئة لهذه المواجهة، والغفلة عن مثل هذه المآلات إنما تنشأ في الحماسات غير المنظبطة بالشرع ولا بالعقل إنما هي ردود أفعال متسرعة.

مآلات الاستعجال في المواجهة

ومن المآلات الفاسدة التي تنجم عن المواجهة غير المدروسة ما يلي:

أولا: مفاسد في الأموال والأوراح

الفتن والمفاسد الكبيرة في الأرواح والأموال وقد تمتد إلى الدين والأعراض، وذلك من عدم توفر القدرة والإعداد من جميع جوانبه (الإيماني ـ العلمي ـ المالي ـ المادي من عدد وعتاد).

ثانيا: اغترار الناس بالباطل

نظرا لعدم الكفاية في بيان سبيل المجرمين وبيان الباطل وأهله فقد يغتر بعض الناس بالباطل وتلبيسه وإعلامه وما يقوم به من قلب للحقائق وتصوير الحق وأهله في صورة باطل، والباطل في صورة الحق مما يكون له الأثر في تمسك الناس بالباطل ووقوفهم أمام الحق وأهله بحجة أنهم دعاة فتنة وإرهاب كما يصورها إعلام الباطل.

فإذا تسرع أهل الحق في مواجهة الباطل وأهله قبل أن يتعري الباطل للناس فقد يجد أهل الحق أنفسهم أمام فئام من الناس قد غُرر بهم فيحصل فتنة كبيرة بين المسلمين، ويستغل أهل الباطل ذلك في مزيد من التشويه للحق وأهله ويقولون: «انظروا إنهم ارهابيون يقتلون الأبرياء ويسعون في الأرض فسادا».

والنظر إلى هذه المآلات معتبر وواجب حتى لا تكون فتنة. وهنا أذكّر بقول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما ترك قتل المنافقين مع إظهارهم للنفاق «كراهية أن يقال أن محمد يقتل أصحابه». (1أخرجه البخاري (4905) واللفظ له، ومسلم (2584))

المثال الثاني:

تضخيم الحديث عن الغلو دون غيره ـ مع أنه مرفوض

الغلو ظاهرة مرفوضة ومذمومة شرعا وعقلا وفطرة ولكن الحديث المكثف والمبالغ فيه اليوم عن (الغلو والغلاة) قد تجاوز فيه المتحدثون حد الاعتدال وكأنه لا يوجد في واقع المسلمين من الخلل والمصائب إلا الغلو وكأنه ظاهرة مستحكمة.

إن تكرار الحديث في المقالات والكتب والإذاعات والمقابلات عن هذه الظاهرة وتضخيمها قد أدى وآل إلى ثلاثة أمور خطيرة غفل عنها كثير من الطيبين المشاركين في نقد الغلو.

مآل تضخيم الحديث عن الغلو دون غيره

أولا: إدخال أصول الدين وثوابته في الغلو

لقد أدخل في الغلو ما ليس منه بل أدخل فيه أمورا من ثوابت الدين وأصوله.

ونظرا لربط الحديث في الغلو بالتكفير والجهاد والحكم بما أنزل الله ومظاهرة الكفار على المسلمين والولاء والبراء فقد أصبح  الحديث عن هذه المرتكزات العقدية ضربا من ضروب الغلو ومن يتحدث عنها فهو من الغلاة.

ثانيا: إعطاء الكفار فرصة للمز المسلم الملتزم بعقيدته

الحديث عن الغلاة والمتطرفين أصبح حديثا عالميا يردده إعلام الكفار من غرب وشرق، وإعلامُ المنافقين المنتسبين للإسلام، ومقصدهم إلقاء هذا الوصف على كل مسلم ملتزم بدينه وعقيدته القائمة على الولاء والبراء التي تقتضي بغض الكافر وعدواته وجهاده، ومحبةَ المسلم وموالاته..

وحينئذ يجب على المتحدث عن الغلو والغلاة أن يحذر من أن يقدم خدمة للأعداء الكفرة وهو لا يشعر فالأعداء يفرحون بما يقوله بعض الدعاة عن الغلو حيث يوظفونها في عدائهم للإسلام الصحيح وليس لفئة غالية معينة، وهذا مآل خطير يجب أن يراعى في الحديث عن ظاهرة الغلو.

ثالثا: نسيان الغلو الأخطر

نظرا للزخم الموجَّه على ظاهرة الغلو وحصرها في طائفة معينة فإن هذا الأمر قد آل إلى نسيان أو تناسي مظاهر من الغلو أكبر وأخطر من الظاهرة التي يتحدثون عنها..

فأين الحديث عن غلو الكفرة في حربهم على المسلمين وتدمير ديارهم وأطفالهم ونسائهم..؟

وأين الحديث عن غلو المنافقين العلمانيين وما يريدونه من شر وتغريب لأمتهم، وأين الحديث عن الغلو فيما تقوم به بعض الأنظمة التي لا تحكم بما  أنزل الله من إفساد لأديان الناس وعقولهم وأموالهم وأعراضهم وما يقومون به من سجن وقتل وتعذيب للدعاة إلى الله عز وجل، وأين الحديث عن وعن من مظاهر الغلو..؟

لماذا هذه الانتقائية في الحديث عن الغلو..؟ إنها الغفلة عن المآلات وخداع المخادعين.

وبهذه المناسبة أنقل كلاما قد كتبته منذ عشرين سنة في كتاب (ففروا إلى الله) حذرت فيه من فتنة الخوارج وغلوهم وذكرت شنائعهم واستدركت حينها استدراكا مهما، أنقله هنا بالحرف الواحد لتأكيد ماذكرته آنفا من خطورة الكلام عن أمر معين والحكم عليه دون معرفة مآلات الحكم وعواقبه.

قلت في ذلك الوقت:

وهنا ينبغي الإشارة إلى أمر جدير بالانتباه ألا وهو ضرورة معرفة الوقت والحال التي تبرز فيه هذه الفتنة؛ فإن كانت في حال تمكّن لأهل السنة وولاتهم سواء كانوا ولاة عدل أو جور، فإن المتعيّن منابذة الخوارج ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم.

أما لو كانت المواجهة بين الخوارج وبين أئمة الكفر والزندقة والخارجين على الإسلام فإن الأمر والحالة هذه يحتاج إلى تمحيص وتدقيق وموازنة بين مفسدة الخوراج ومفسدة الكفرة المواجهين لهم، وأن يُحذر من أن يجد أهل السنة أنفسهم في صف الكفرة المارقين بحجة مواجهة فكر الخوارج والفرار من فتنتهم..

فإما أن يصرح بالبراءة من الفريقين مع بيان أن الكفر أشد من البدعة إن كان هذا ممكنا، وإلا فليحذر من بدعة الخوراج بصورة لا تصلح أن تستغلها الأنظمة الكفرية وتوظيفها في محاربة الدعاة في شخص الخوراج وكسب ولاء العامة في صفهم.

ولا بد هنا من التنبيه على أمر آخر ألا وهو أن باب المصالح والمفاسد وتقديرهما والترجيح بينهما مقام عظيم لا يصلح لكل أحد أن يقتحمه، بل لا بد من عرضها على الفقيه المجتهد الذي يجمع بين العلم الواسع بشرع الله عز وجل، والعلم بأحوال النوازل، ولديه من الدين والورع ما يحميه من كتم الحق ولبسه بالباطل.

ولذلك فإني أنصح نفسي وإخواني الدعاة بعدم الجرأة والتسرع في تقدير المصالح والمفاسد والترجيح بينهما. وأن تُعرض على الفقهاء المجتهدين الورعين ولاسيما في مثل هذه القضايا التي تتعلق بالدماء والأموال والأعراض، فكم من المظالم والانتهاكات ارتُكبت بدعوى تحقيق المصالح ودرء المفاسد. (2رسالة ففروا إلى الله :322-324)

المثال الثالث:

العمل السياسي والبرلماني مع الطواغيت

دخول بعض الإسلاميين في المجالس البرلمانية وممارستهم العمل السياسي مع الطواغيت والوقوع في فخهم دون الالتفات للمآلات الخطيرة لهذه المشاركات والتهوين من شأنها لا سيما المتعلق منها بالعقيدة.

إننا لا نشك في النية الحسنة ـ إن شاء الله تعالى ـ لمن يقبل المشاركة في العمل السياسي الديموقراطي وأن قصدهم التخفيف من المفاسد على المسلمين وتحقيق بعض المصالح للإسلام والمسلمين كما زعموا..

ولكننا نقول لهم هل درستم المآلات والمفاسد الخطيرة لهذه المشاركات؟ هل وضعتم المصالح التي تدّعون تحقيقها بزعمكم من دخول هذه المجالس، هل وضعتموها في كفة والمفاسد والمآلات الخطيرة الناجمة من دخولكم في كفة أخرى وقارنتم؟

إنه وبالتأكيد لو فعلتم ذلك لطاشت كفة المصالح التي تدّعونها وثقلت كفة المفاسد الخطيرة المتحققة من هذه المشاركات.. وإليكم شيئا من هذه المقارنة:

كفة المصالح التي يدّعيها الداخلون في هذه المجالس

يبرر المشاركون في العمل السياسي دخولهم فيها بأنهم يحققون بعض المصالح، ويدرءون بعض الشرور والمفاسد عن المسلمين وعن الدعوة الإسلامية..

ويحاولون إحباط أي تشريع يخالف الإسلام، وأنهم يمثلون الصوت الإسلامي الذي يدافع عن القضايا الإسلامية في هذه المجالس.

وأنهم بذلك يزاحمون أعداء الدين من علمانيين ومنافقين وباطنية ويهود ونصارى ويراغمونهم ولا يتركونهم ينفردون بهذه المجالس فيُفسدوا فيها.

كفة المفاسد والمآلات الخطيرة الناشئة عن الدخول في هذه المجالس

إنه لا مفسدة أكبر من  مفسدة الشرك ولا مصلحة مهما كبرت يبرر بها الوقوع في الشرك ويتبين هذا من المخاطر التالية:

أولا: إعطاء اليمين لدساتير تحل المحرمات

إعطاء اليمين الدستورية من كل مشترك في هذه المجالس باحترام الدستور العام للدولة بما في ذلك البنود التي تنص على أن الشريعة الإسلامية مصدر من مصادر التشريع أو أنها المصدر الرئيسي، والبنود التي تستحل الزنا حالة الرضا، وتستحل المسكرات والربا، وغيرها من المحرمات وبما فيها من الأنظمة التي تمنح الرخص لمواخير الزنا وحانات الخمور، وغيرها مما حرم الله عز وجل..

فيا سبحان الله كيف تعطَى اليمين على احترام الكفر بالله، عز وجل، من غير إكراه ملجئ؟!

وأي مفسدة أعظم من الوقوع في هذ الخطر الجسيم؟! وأي مصلحة تقابل هذا الفساد العريض على الفرد المشارِك وعلى الأمة؟!

ثانيا: الجلوس في أماكن يصوت فيها على قبول أو ردأحكام الله

وهي لا تقل عن الخطر السابق حيث يقبل المشتركون في هذه المجالس من الإسلاميين أن يجلسوا في مكان يصوَّت فيه على أحكام الله عز وجل خالق السموات والأرض؛ فما وافق عليه المجلس فهو الذي له الشرعية والنفاذ وما عارضه فهو المُلغَي ولايأخذ الشرعية، فيا سبحان الله وبحمده كيف تعرض أحكام العليم الحكيم العظيم الخبير على عقول البشر ويصوَّت عليها بالتحريم أو التحليل؟!

كيف يقبل مسلم أن يوضع  حجاب المرأة أو شرب المسكرات أو فتح مواخير الزنا؟ هذه الأمور التي حسمها شرع الله عز وجل وأنزل حكمها القاطع في كتابه الكريم؛ فكيف يرضى مسلم بالبقاء في مجالس تكون فيه  أحكام الله عز وجل مجالا للقبول أو الرفض، وأن تكون السيادة العليا فيها لمجالس البشر الظالمة الجاهلة؟

ألم يقل الله عز وجل في كتابه ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ (الأنعام:68).

هل المطالبة بتحريم ما حرم الله وتحليل ما أحله عذر؟

وقد يقول المشارك في هذه المجالس من الإسلاميين: إني بوجودي في المجلس أقف مع شرع الله عز وجل وأطالب بتحريم ما حرم الله تعالى وتحليل ما أحل الله تعالى ولا أقبل خلاف ذلك وإذا كثرت أصوات المطالبين بشرع الله عز وجل كانت نتيجة التصويت إقرار شرع الله تعالى!!

والجواب المجمل على هذا القول هو أن الخطر يكمن في قبول أن يكون شرع الله تعالى قابلا للتصويت على قبوله أو رفضه بغض النظر عن نتيجة التصويت، فالأصل أن تكون السيادة العليا هي لشرع الله تعالى فما وافقه يؤخذ به وما عارضه يُترك ويُرفض وأن لا يسمح بأن تطرح أحكام الله عز وجل للتصويت أصلا.

لكن الحاصل في المجالس الجاهلية هو العكس حيث السيادة العليا هي لهذه المجالس فما وافق تشريعاتها أُقر وما خالفها يُترك، وهذا هو الخطر العظيم الذي من قبِل به فإن توحيده، وولاءه وبراءه، في خطر.

ثالثا: الجلوس من الملحدين إقرار ضمني

إن المشاركة في هذه المجالس والدخول تحت مظلتها والجلوس جنبا إلى جنب مع الكفرة والملحدين فيها يعد بمثابة الإقرار لهذا المجلس بالشرعية وإيهام الناس بشرعيتها وشرعية القائمين عليها والمنشئين لها من الطواغيت وأحزابهم. وفي دخول الإسلاميين فيها تناقض عجيب بين ما يدعون إليه وبين صنيعهم هذا، فالمطلوب من الدعاة إلى الله عز وجل أن يكفروا بهذه المجالس ومن أنشأها وأن يحاربوها لأن ذلك من الكفر بالطاغوت والإيمان بالله تعالى.

نتيجة المقارنة

يتبين لنا بعد المقارنة بين كفتي المصالح والمفاسد السابقتي الذكر أن المفاسد والمآلات الخطيرة الناجمة من مشاركة الإسلاميين في العمل السياسي أكبر وأعظم من المصالح التي يدّعيها الداخلون لارتباطها بالشرك المنافي للتوحيد فهل فوق مفسدة الشرك مفسدة؟

وكذلك بمقارنة المصالح والمفاسد من حيث تحققهما في الواقع نجد أن كفة المفاسد أكثر تحقيقا وظهوراً؛ بينما كفة المصالح فهي أقرب أن تكون موهومة، والواقع يشهد بذلك.. فماذا حقق المشاركون من مصالح للإسلام والمسلمين؟!

وليس دوري هنا أن أصدر حكما على الداخلين في هذه المجالس بقدر ما هو تنبيه على أثر المعرفة بمآلات المواقف في الأحكام وأن الغفلة أو التغافل عن ذلك يؤدي إلى مواقف ومفاسد خطيرة في الانتباه إليها أثر في إبطال تأول المتأولين بدخولهم في هذه المجالس.

المثال الرابع:

الإفتاء بما يوظَف في إيذاء أولياء الله

الإفتاء بفتاوى قد توظَف في إيذاء أولياء الله عز وجل من الدعاة والمحتسبين والمجاهدين أو إيقاف دعم الجمعيات الخيرية ودعم مجالات الدعوة والجهاد في غفلة من المفتي عن هذه المآلات.

وقل مثل ذلك في تحديث الناس بما لا يعقلون وبما قد يكون لهم فيه فتنة، فالواجب على المفتي أو المحدث أن لا يكون همه الفتوى المجردة بل عليه أن يبحث عن مقصود من استفتاه وعن المآلات الفاسدة التي تؤول إليها فتواه وإذا لم يكن عنده هذه النظرة والفطنة فإنه يَضل ويُضل بفتواه، وقد سبق وأن نقلت في هذا كلاما   لابن القيم رحمه الله تعالى يحذر من هذه المخاطر.

اعتبار السنة لهذا المآل

وأسوق للتدليل على هذه المسألة المهمة أثرين أوردهما البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه:

الأول: عن أنس رضي الله عنه «أن ناسا كان بهم سِقم قالوا يا رسول الله آونا وأطعمنا فلما صحوا قالوا إن المدينة وخِمة فأنزلهم الحرة في ذود له. فقال: اشربوا ألبانها، فلما صحّوا قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم واستاقوا ذوده. فبعث في آثارهم، فقطّع أيديهم وأرجلهم وسمّر أعينهم، فرأيت الرجل منهم يكدم الأرض بلسانه حتى يموت». (3البخاري :5658)

«قال سلام ـ أحد رواة الحديث ـ: فبلغني أن الحجاج قال لأنس حدثني بأشد عقوبة عاقب بها النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه بهذا فبلغ الحسَن فقال: وددت أنه لم يحدثه بهذا». (4البخاري:127)

الثاني: عن على رضي الله عنه: «حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟». (5مسلم : باب النهي عن الحديث بكل ماسمع)

يقول ابن حجر رحمه الله تعالى في شرحه لهذا الأثر عن علي رضي الله عنه:

وفيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة، ومثله قول ابن مسعود رضي الله عنه: ما أنت محدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة

وممن كره التحديث ببعض دون بعض: «أحمد» في الأحاديث التي ظاهرها الخروج على السلطان، و«مالك» في أحاديث الصفات و«أبو يوسف» في الغرائب، ومن قبلِهم «أبو هريرة»، كما تقدم عنه في الجرابين، وأن المراد ما يقع من الفتن، ونحوه عن «حذيفة» وعن «الحسن» أنه أنكر تحديث أنس رضي الله عنه للحجاج بقصة العرنيين، لأنه اتخذها وسيلة إلى ما كان يعتمده من المبالغة في سفك الدماء بتأويله الواهي. (6فتح الباري : 1/ 225)

…………………………………….

هوامش:

  1. أخرجه البخاري (4905) واللفظ له، ومسلم (2584).
  2. رسالة ففروا إلى الله :322-324.
  3. البخاري :5658.
  4. البخاري:127.
  5. مسلم : باب النهي عن الحديث بكل ماسمع.
  6. فتح الباري : 1/ 225.

لتحميل الدراسة كاملة على الرابط التالي:

اقرأ بقية أجزاء الدراسة:

فقه النوازل في ضوء الكتاب والسنة (1-7) علوم ضرورية، العلم بالأسماء والصفات

فقه النوازل في ضوء الكتاب والسنة (2-7) علوم ضرورية، العلم بالسنن الالهية

فقه النوازل في ضوء الكتاب والسنة (3-7) علوم ضرورية، فقه الموازنات والأولويات

فقه النوازل في ضوء الكتاب والسنة (4-7) أثر الخلل في العلم بفقه الموازنات

فقه النوازل في ضوء الكتاب والسنة (5-7) فقه المآلات

فقه النوازل في ضوء الكتاب والسنة (7-7) أمثلة معاصرة لقاعدة النظر في المآلات

التعليقات غير متاحة