العنصرية الغربية المتعالية على إفريقيا المسروقة وعلى البشرية التي تعاني، هي أحد مظاهر الجاهلية القبيحة المترعة في الغرب حيث تعاني البشرية وتنتظر الإسلام.

الخبر

“أثارت تصريحات طبيبين فرنسيين في برنامج تلفزيوني على قناة “إل سي أي” الفرنسية، ردود فعل غاضبة على نطاق واسع. إذ طرحا الطبيبان ـ وأحدهما مسؤول في معهد طبي معروف في فرنساـ  إمكانية إجراء تجارب سريرية في إفريقيا للقاح “بي سي جي” المضاد لداء السل، لمعرفة مدى فعاليته ضد فيروس كورونا.

إذ سأل رئيس قسم العناية المركزة في مستشفى “كوشين” بباريس جون بول ميرا، مديرَ مركز الأبحاث في المعهد الوطني للصحة والأبحاث الطبية كامي لوشيت “ألا يجب علينا أن نقوم بتجربة هذه الدراسة في إفريقيا؟ حيث لا توجد كمامات ولا علاجات ولا عناية مركزة”، فأجابه لوشيت بأن ثمة تفكيرا بإجراء اختبارات في أفريقيا لمعرفة مدى فعاليتها على كورونا”.

وقد كتب بعض المسلمين الأفارقة ردا على هذا: “فرنسا العنصرية المقيتة.. استولت وما زالت تستولي على مقدرات إفريقيا.. وجعلتها حقل تجاربها النووية والبيولوجية وغيرها.. وبكل وقاحة يطلب صحافيوها علنا بإجراء تجارب دواء كورونا على الأفارقة بمنطق (نجرب في الأسود ليعيش الأبيض). (1موقع “الجزيرة”، 3/4/2020، على الرابط:
“عنصرية مقيتة”.. موجة غضب على دعوة طبيبين فرنسيين لتجريب لقاح ضد “كورونا” في أفريقيا
“والرابط:
إفريقيا ليست فأر تجاربكم”.. غضب واسع ضد تصريحات طبيبين فرنسيين حول لقاح كورونا
)

التعليق

علَّمَنا الإسلام ذلك التصور الرباني، والرفيع لـ “الإنسان”، وعدم احتقار إنسان أو ازردائه دون جريمة ولا لأمر سالف من عِرق أو لون أو وطن.. وكذلك لا يعظّم إنسانا ويواليه لمجرد عِرق أو لون أو وطن.

بل لا يقدَّر الإنسان ويُرفع إلا لاختياره عقيدته، ولأفعاله وتصرفاته؛ فلا يُرفع إلا بالتقوى ولا يوضَع ويُزدرَى إلا لكفره أو فجوره.

ثم إن الإسلام عندما أعلن هذا رسّخه في قلوب أهله، وبدأ بنبيّه الكريم حيث لامَه في الانصراف عن عبد فقير أعمى ملتفتا الى كبار القادة وأشراف العرب طمعا في إسلامهم لتُسلم بهم الآلاف وينجو بهم الناس.. حتى هذا الغرض النبيل والكريم لم يرض الله سبحانه وتعالى أن يكون سبيله مجرد الانصراف أو تقطيب الوجه في وجه رجل لا يرى هذا التقطيب..! حتى لامَ نبيه الكريم، صلى الله عليه وسلم، وأنزل قرآنا يُتلى الى يوم القيامة يقرر به الموازين الربانية في حياة البشرية..

بل واجَه رسول الله والمؤمنون معه المجتمع الجاهلي القرشي بالعقيدة وبهذه القيم معا في المواجهة الأولى حال غربة الإسلام؛ فكان يقرر العقيدة الصافية وإن رفضها الناس واستغربوها، وواجههم في الوقت نفسه بهذه القيم حتى أخبر تعالى أنه جعلها فتنة للكافرين ﴿وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾ (الأنعام: 53)

وكانت تطبيقات هذه القيم في القمة حتى يقول عمر أن بلالا “سيدنا”، وهو عبد حبشي كريم. ويقرر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن سلمان من آل بيت رسول الله، ويزوّج زيد بن حارثة من زينب بنت جحش من ذؤابة بني هاشم، وعندما يعير مسلم عربي مسلما حبشيا بلونه أو لون أمه يكون اعتذاره تاريخيا فيضع خده تحت قدمه حتى يرضى ويصفح. وتقدَّم الموالي بعلمهم وقراءتهم فكانوا سادة… وأصبح المجتمع الإسلامي هو ذلك المجتمع المفتوح للجميع، وأصبحت قيمه قيما جادة وعملية وواقعية وتطبيقية.

في الضفة الأخرى لا تخلو جاهلية من تلك النزعة الوقحة، وفي الجاهلية الأوروبية خصوصا الصورة بشعة؛ فما بين إجراء التجارب النووية على مسلمي الجزائر في الصحراء وقتل مليون ونصف مسلم أرادو العيش الكريم، وقطعوا أيدي الأفارقة العاملين في مناجم الماس، وقتل أطفال سرقوا فاكهة ليأكلوها من الجوع، وبين تقديم مساكين الهنود بين أيدي الجيوش البريطانية لتنفجر فيهم حقول الألغام بدلامن البغال والحمير لارتفاع تكلفة الحيوانات..!! الى قتل مليون طفل في العراق من (1990 ـ 2000) ثم بعد الغزو وقتل مليون آخرين وتهجير الملايين..

وأنهم ـ مع حضارتهم المزعومة ـ يعرضون جمجمة الشهيد الكريم “سليمان الحلبي” الذي قتل المجرم الكافر “كليبر” في الحملة الفرنسية على مصر، فيعرضونها الى اليوم في المعارض يفتخرون بقتله ويكتبون تحتها “الإرهابي” ويحتفظون بحقدهم الذي لا يخبو أواره ضد بطلٍ أذلّهم ورفض أن تُحتل بلاد المسلمين.

الى إثارة النزعة الطائفية في العراق ووضع المتفجرات في سيارات أفراد من طائفة بعينها دون علم أصحابها ـ في نقاط التفتيش ـ وإغلاق الطرق أمامهم إلا طرق تمر على تجمّع لطائفة أخرى ثم تفجيرها عن بُعد فيموت هذا وذاك ثم يشتد أوار الصراع الطائفي الذي يذكّون فيه وحشية الرافضة.. وهكذا في وقائع لا تنحصر، وجرائم لا تكف.

وكل الجرائم تؤدي رسالة واحدة مضمونها أن الغربي الصليبي “الهمجي” “المتخلف” قيميا وعقديا لم يزل هو هو؛ جاهليا همجيا متخلفا قيميا وعقديا. وأنه ذلك الحيوان القابع خلف الرتوش المدنية. وأن شكوى العالم والمستضعفين من سيطرتهم قديما إبّان فترة الاحتلال لم تزل هي الشكوى نفسها، وأن البشرية مبتلاة بسيطرة الرجل الغربي الجاهلي الكافر بالله والظالم لنفسه وللإنسانية.

خاتمة

ما تعرفه البشرية اليوم ـ ولو عناوين ـ عن القيم الإنسانية والمساواة بين البشر، حتى لو لم تمارسه؛ إنما هو أثر من آثار هذا الدين .. الإسلام. وذلك في فترات مَده وممارسته في صورة معاملات وقيم. وأثر لِما بلّغه المسلمون عن الله ورسوله من قيم وأخلاق وممارسات حتى أن البشرية الجاهلية اليوم لتتوارى خلف شعارات من آثار الإسلام تعلم أن الحياة لا تستقيم بدونها.. ثم تتخفى هي خلف تلك الشعارات التي تسقط في أوقات الأزمان وأزمان الشدائد.. ستبقى البشرية وسيبقى المستضعفون عموما يعانون من ويلات سيطرة الغربي اللص والمتعالي والعنصري عليهم.

لم ينته دور الإسلام من حياة البشرية ولن ينتهي. ولم تستغن عنه البشرية ولن تستغني. وله جولة قادمة بإذن الله؛ وقد تسفر هذه الموجة من الوباء عما لا يعلمه إلا الله ولا يقدّره قدرَه سواه، سبحانه.

……………………………..

هوامش:

  1. موقع “الجزيرة”، 3/4/2020، على الرابط:
    “عنصرية مقيتة”.. موجة غضب على دعوة طبيبين فرنسيين لتجريب لقاح ضد “كورونا” في أفريقيا
    والرابط:
    إفريقيا ليست فأر تجاربكم”.. غضب واسع ضد تصريحات طبيبين فرنسيين حول لقاح كورونا

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة