يجمع العالم اليوم أعظم التناقض؛ فالروس يمارسون القتل يوميا في سوريا وهم رعاة لعملية السلام..! والعالم اليوم مختل بكل معاني الكلمة. واختلاله ناتج من غياب الإسلام عنه.

الخبر

“شن الطيران الروسي الثلاثاء (21/1/2020) غارات مكثفة على ريفي حلب وإدلب ـ ـ في قصف متواصل لم يتوقف ـ في تجاهل لوقف إطلاق النار الذي أعلن مؤخرا؛ مما أسفر عن مقتل وجرح عشرات المدنيين، وبينهم عائلة بكاملها.

وأفاد مراسل الجزيرة في سوريا بمقتل 27 مدنيا وإصابة آخرين في الغارات التي قادها الطيران الحربي الروسي واستهدفت بلدات وقرى في ريف حلب الغربي وريفي “إدلب” الشرقي والجنوبي.

وفي ريف حلب الغربي، قتل ستة أطفال مع والديهم، في غارة على منزل العائلة في قرية “كفر تعال”، وأسفرت الغارة أيضا عن مقتل شاب وإصابة تسعة آخرين.

كما أفادت الأخبار إن الطيران الحربي الروسي قصف بصواريخ شديدة الانفجار منازل المدنيين”. (1موقع “الجزيرة”، 21/1/2020، على الرابط:
حلب وإدلب.. قصف روسي مكثف يخلف 27 قتيلا من المدنيين
موقع “العربي الجديد”، 21/1/2020، على الرابط:
18 قتيلاً بينهم عائلة بالقصف الروسي على شمال سورية
)

التعليق

أولا: نعلم أن الخبر أعلاه صار معتادا. ولذا أحببنا أن نقول أنه ليس بمعتاد، ويجب ألا يكون معتادا، ويجب ألا يكون موجودا من الأساس؛ بل أن نقول أن اعتياده وتمريره “جريمة”.

ثانيا: أن تحت وقْع وصوت وصور وآلام هذه المجازر يتحول الباطل الى حق..! ويتقرر وجود واستمرار الطاغية وحكومته وطائفيته المجرمة. بل ويتمادى الأمر فيتغير توصيف الطاغية الى “حاكم شرعي” والثورة الى جريمة، ويتحول الشعب كله ـ بالملايين ـ الى أنه يعاني من “مشكلة أخلاقية” دفعته الى المطالبة بحقوقه ودينه ـ كما صرح الطاغية “بشار” نفسه. هكذا يفسر الأمور..!

ثالثا: تحت وقع هذه المجازر يعود العرب الى حضن الطغاة ويعود السعوديون ليقولوا أن الأزمة بين البلدين ـ الحقيقة بين النظامين ـ سحابة صيف ستمر..! فملايين المهجرين ومليون قتيل وتدمير أمة وبراميل متفجرة وقتل بالغازات السامة واغتصاب المسلمات وقتل المسجونين.. كل هذا عند الطواغيت المتآخين هي مجرد سحابة صيف، وبالتالي فعلى هذه الجثث والدمار سيعودون ينشدون ألحان العروبة وأنغام السلام..!

وانظر الى هذا الخبر:

“أفادت وسائل إعلام مقربة من النظام السوري بأن لقاءً وديا سوريا سعوديا عقد في نيويورك، وأنه تم التأكيد على أن التوتر الذي طبع العلاقة بين البلدين خلال السنوات الماضية سيزول، ويأتي ذلك وسط تقارير عن تقارب بين دمشق والرياض وإن كان بوتيرة بطيئة.

ونقلت الصحيفة أن السعوديين ـ “المَعْلمي” مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة و”المبارك” ـ وزير الدولة السعودي ـ  عبّرا خلال الحفل عن قناعتهما بأن ما جرى بين البلدين يجب أن يمر، وشددا على “العلاقات الأخوية التي طالما جمعت بين سوريا والسعودية”. كما نقلت أن المسؤولَين السعوديَين أكدا أن ما شهدته العلاقات بين البلدين “ليس سوى سحابة صيف ستمر حتما”. (2موقع “الجزيرة”، 21/1/2020، على الرابط:
الإعلام السوري: مسؤولان سعوديان يؤكدان أن أزمة العلاقات سحابة صيف ستمر
)

رابعا: السخرية الكبيرة تبدو أكثر في أن روسيا تتعامل، وتُعامَل من العالم على أنها راعٍ رئيس للسلام في سوريا..!

بل والأدهى كذلك أنها تتقدم بتلك الآلة القاتلة بقذارتها الى ليبيا لتقتل ثم ترعى عملية السلام..!

خامسا: لا يوجد ضمير مستقل وحقيقي بين الناس في حالة ضغط الطغاة ـ دوليين أو محليين ـ عليهم بالإكراه والعنف والتضليل الإعلامي.

إن الإنسان يغيب عن الوجود وتظهر لك مسوخ بشرية تتحرك وتتكلم عن مصطحات جوفاء؛ وبالتالي فالعالم اليوم لا يعمل “بفطرة” ولا “بمبادئ”؛ إنما يعمل بإنسانية مصنوعة ومباديء منتقاة؛ يبتلع مجازر لا يتصورها عقل وينتفض لجزئيات تجرح كرامة الكبراء.

العالم اليوم مختل بكل معاني الكلمة. واختلاله ناتج من غياب الإسلام عنه؛ فالإسلام هو الدين الذي يقرر مبادئ السماء ويقرر الفطرة ويرفعها ويزكيها وينميها.

إن وجود الإسلام اليوم أمر في منتهى الضرورة لإنقاذ العالم نفسه، وإنقذ الإنسانية التي تهوي.

وأخيرا..

لا غني أبدا للمسلمين عن “القوة” فإنها في أيديهم تجري بها العدالة وتتحقق، وبيد غيرهم يذيقون العالم ويلات بلا أدنى تأثم أو تحرج.. قتل “ستالين” (5) ملايين إنسان، سأله أحد قادة الغرب “سمعنا أنكم قتلتم ثلاثة ملايين إنسان”، وكان يتناول مشروبا فلم يُنزل الوعاء من فيه وأشار اليه بيده كلها أنهم خمسة ملايين، وليسوا ثلاثة. هذا خلاف ما مجموعه (140) مليون إنسان قتيل خلال القرن العشرين من الحرب العالمية الأولى الى الثانية وما بينهما.

وقتلت أمريكا (11) مليون مسلم في السنوات الأخيرة منذ التسعينيات..

وهكذا تجري الأمور بلا ألم ولا رادع ولا وخز ضمير، وبالتالي فلا قيم حاكمة ولا مبادئ أصيلة؛ إنما المباديء نفسها محل تفاوض وتقرير بين الوحوش.

لكن في دين الله تعالى تتقرر المبادئ من الله أولا، ثم على الإنسان تمثّلها وتقريرها وتفعيلها والعمل من أجلها؛ بل والجهاد كذلك لتقريرها في الأرض ورفع المظالم.

يخوّفون الناس من الإسلام ومن امتلاك أهله لقرارهم ولأسباب القوة، ولا يعلمون أن وجود الإسلام في نفسه خير عظيم؛ فوجود من يدعو للتوحيد منة على الإنسانية؛ قال يوسف، عليه السلام: ﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾ (يوسف:38).

وإن امتلاك الأمة الإسلامية للقوة هو الخير الرادع لشرور النفوس وقاذورات شياطين الإنس والجن ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ  * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ (الحج: 39-41)

إن البشرية تدفع خسارة يومية فادحة، لاتقاس في البورصات، ولا بموازين تجارية، ولا في غيض أرصدة البنوك، وإنما من أخلاقها وعقائدها، ومن أمنها وكرامتها، ومن دمائها ومساكنها، ومن ترف طاغٍ وفقر مستكين، بل ومن نزيف عقول ومباديء ونزيف فطرة لا يفتر عن النزف مع أوضاع الأمة والعالَم الذي ترعاه الصليبية العالمية والصهيونية يقرران ما هو أحلاقي وما ليس كذلك..! وما هو حق وما هو باطل..! وما هو إنساني وما هو حيواني مثلهم..!

………………………………..

هوامش:

  1. موقع “الجزيرة”، 21/1/2020، على الرابط:
    حلب وإدلب.. قصف روسي مكثف يخلف 27 قتيلا من المدنيين
    موقع “العربي الجديد”، 21/1/2020، على الرابط:
    18 قتيلاً بينهم عائلة بالقصف الروسي على شمال سورية
  2. موقع “الجزيرة”، 21/1/2020، على الرابط:
    الإعلام السوري: مسؤولان سعوديان يؤكدان أن أزمة العلاقات سحابة صيف ستمر

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة