يتتابع قتل العلماء، إما تعذيبا أو إهمالا، أو وضعهم في ظروف تؤدي الى الوفاة؛ فيُقتلون في صمت في بلاد الحرمين؛ إلا من باع وخان وكذب على الله وخدع الأمة. ولهذا دلالات.

الخبر

“توفي الداعية السعودي “صالح الضميري”، في أحد سجون المملكة، وفق ما أعلن حقوقيون، السبت (3/8/2019).
وقال حساب “معتقلي الرأي”، المعني بحقوق الموقوفين في السعودية عبر “تويتر”: “تأكد لنا وفاة الشيخ صالح عبد العزيز الضميري في سجن الطرفية (بمنطقة القصيم)”.

وأشار الحساب إلى أنّ الشيخ الضميري توفي جراء “الإهمال الطبي، حيث إنّه مريض بالقلب وكان في العزل الانفرادي”، وقال الحساب إنّ “الشيخ اعتُقل سابقاً أكثر من مرة على خلفية مناصرته الدائمة لمعتقلي الرأي”.

وذكرت حسابات سعودية، أن الضميري اعتقل لسنوات طويلة، وكان يعاني من إهمال طبي داخل السجن منذ ما يزيد على السبع سنوات.

وكان الداعية أحمد العماري، توفي مطلع العام الجاري داخل السجن، وذلك بعد شهور من حديث شبه مؤكد عن قتل الداعية سليمان الدويش، المعتقل منذ سنوات”. (1العربي الجديد، 3/8/2019، على الرابط:
وفاة الداعية صالح الضميري في أحد سجون السعودية
عربي 21، 3/8/2019، على الرابط:
وفاة داعية سعودي داخل السجن.. واتهامات بإهمال طبي
)

التعليق

عندما يقتل الطغاة العلماء الآمرين بالقسط، ويمضون الى ربهم تعالى، رجلا خلف رجل وعالِم على إثر عالِم، في صمت وهدوء غير صاخب؛ عندئذ يطمئن الطغاة أن الجماهير يبدو كأنها تتقبل هذه الأخبار واعتادت عليها؛ ولكن نود أن نقول:

أولا: إن قتل مؤمن يستوجب غضب الله تعالى ويستجلب سخطه وعقوبته ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ (النساء: 93) وزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق.

ثانيا: أن قتل الآمرين بالقسط يستوجب عقوبة خاصة وخزيا للقاتل. وأن الصمت البادي للقتلة لا ينفي غضب رب العالمين لقتل أوليائه؛ فإنه لما قتل قوم رجلا صالحا دعاهم الى القيام بحق الله؛ قال تعالى عنه ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ (يس: 26-27) وقال تعالى عن قتلته ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ * إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ﴾ (يس: 28-29)، وفي الأثر الإلهي «إني لأثأر لأوليائي كما يثأر الليث الحرِب».

فمصير المؤمن عند الله تعالى ـ إن شاء الله ـ وما يلقى من الكرامة بإذن الله تعالى؛ هذا أمر. وغضب الله ونزول عقابه على قتلته أمر آخر؛ إذ إن من عاداه وقتله لم يعاده ويقتله لمنازعة شخصية بل لما أمر به من أمر الله ولما نهى عنه من نهيه؛ فمن قتله إنما قتله لصلته بالله تعالى. وهذا يستوجب معاداة رب العالمين ومن عادى اللهَ لم يقو على انتقامه وغضبه سبحانه ﴿وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى﴾ (طه: 81).

ثالثا: أن الأمة لا ترضى بهذا وإن أُسكتت بغير رغبتها؛ قهرا وإكراها، ولكن يكمن الغضب ويتصاعد ويؤْذن بالانفجار، كما أنه يعري الطغاة ويكشف توجهاتهم؛ إذ يحمون الفجرة ويرفعون من قيمتهم ويعطونهم حق التوجيه والظهزر ليُتبعوا بديلا عن أهل العلم؛ بينما يُقصَى أهل العلم ويُقتلون ويُهانون بالاتهامات المكذوبة والسجن الظالم لكي ينصرف الناس عنهم. هذه خطة المجرمين؛ وقد يستجيب لهم “بعض” فسقة الناس وفجرتهم، ولكن “الأمة الإسلامية” لا تقبل هذا وإنما تتجرع الغصص وتصبر على البلاء وتتطلع الى الخلاص من هذه الأوضاع المقلوبة؛ وقد قال مؤمن من قبل:

إن احتـدام النار في جوف الثرى .. أمرٌ يثير حفيظة البركـان

وتتابُـــع القطرات ينزل بعده .. سيلٌ، يليه تدفق الطــــوفان

         فيموج يقتلع الطغاة مزمجرا .. أقوى من الجبروت والسلطان (2أبيات لهاشم الرفاعي)

……………………………

هوامش:

  1. العربي الجديد، 3/8/2019، على الرابط:
    وفاة الداعية صالح الضميري في أحد سجون السعودية 
    عربي 21، 3/8/2019، على الرابط:
    وفاة داعية سعودي داخل السجن.. واتهامات بإهمال طبي 
  2. أبيات لهاشم الرفاعي.

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة