يسوق الغرب مجرميه، ويدعمهم المال الحرام القام من الخليج، والمعلومات والإشراف القادم من مصر، ليجهضوا ثورة شعب يتطلع الى الحرية والخير.

تعريف بالمجرم

“خليفة بلقاسم حفتر”؛ المجرم الذي يجدِّد سفكَ الدماء في بلاد المجاهد الكبير “عمر المختار” رحمه الله تعالى.

و”حفتر” هذا هو رفيق الرئيس الليبي الهالك “معمَّر القذَّافي” في الانقلاب على النظام الملكي الليبي عام (1969)م..

كان قائدًا في الحرب على تشاد بدأت من (1980)م فتخلى عنه القذَّافي فأُسِرَ في تشاد مع مئات الجنود الليبيين في معركة “وادي الدوم” يوم (22) مارس (1987)م، ثمّ أعلن من سجنه انشقاقه عن نظام القذَّافي في أواخر الثمانينيات؛ فخرج من سجنه مباشرةً إلى أمريكا ضمن صفقة تكوين معارضة ضدَّ القذَّافي.

وبقي في أمريكا، واستمرَّ معارضًا لنظام القذَّافي هناك مدّة (20) عامًا حتى عودته إلى ليبيا بعد انطلاق ثورة (17) فبراير سنة (2011)م، وشارك في العمل العسكري والسياسي لإسقاط القذَّافي.

عيّنه مجلس النواب الليبي المنعقد في “طبرق” قائدًا للجيش الوطني الليبي سنة (2015).

قاد “حفتر” محاولةً للإطاحة بـ “القذَّافي” في عام (1993)م لكنَّها لم تنجح فحُكِمَ عليه بالإعدام غيابيًّا.

دوره بعد الثورة

خلال إعادة تشكيل الجيش الوطني الليبي في نوفمبر (2011)، توافق نحو (150) من الضبَّاط وضبَّاط الصفِّ على تسمية “خليفة حفتر” رئيسًا لأركان الجيش.

ومنذ عام (2011)م تشهد ليبيا صراعًا على السلطة بين “حكومة الوفاق” في طرابلس العاصمة والمعترَف بها عربيًّا ودوليًّا ، وقائد قوات الشرق “خليفة حفتر” المدعومة من مجلس النوَّاب المنعقد بمدينة طبرق شرقي ليبيا.

قاد “حفتر” محاولةَ انقلاب في الرابع عشر من فبراير (2014)م؛ حيث قام بتحرُّكٍ عسكري أعلن به إيقاف عمل المؤتمر الوطني العام، زاعمًا أنَّه استجابة لمطلب شعبي بإيقاف تمديد عمل المؤتمر الوطني.

في (16) مايو (2014)م أعلن اللواء خليفة حفتر انطلاق ما سمِّيت بـ “عمليَّة الكرامة” أو “كرامة ليبيا”. وهي عملية عسكرية قال إنَّها تهدف إلى:

“تطهير ليبيا من الإرهاب والعصابات والخارجين عن القانون والالتزام بالعملية الديمقراطية ووقف الاغتيالات خصوصًا التي تستهدف الجيش والشرطة”.

قائلًا إنَّ العملية:

“ليست انقلابًا وإنَّ الجيش لن يمارس الحياة السياسية”.

كما أعلن عن “تجميد” عمل “المؤتمر الوطني العام” الذي يقول معارضوه إنَّ استمراره غير شرعي منذ (7) فبراير (2014)م، ومبقيًا على عمل حكومة الطوارئ.

أعلنت الحكومة المؤقتة برئاسة “عبد الله الثني” عن انحيازها لها؛ وذلك في مؤتمر صحفي أعلن من خلاله عن تحميل “المؤتمر الوطني العام” في ليبيا مسؤولية الفشل في بناء الجيش والشرطة في البلاد.

كذلك فعل سلفُه “علي زيدان” الذي أبدى تأييده التام لعملية “الكرامة” شريطة أن لا تتدخَّل في العمل السياسي في البلاد.

الخطوة الأخيرة

وفي (4) أبريل (2019)م، وبينما تتسارع تحضيرات الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للحوار في مدينة “غدامس” الليبية (جنوب غرب)، بين (14) و(16) أبريل الجاري، ضمن خريطة طريق أممية لحلِّ النزاع في ليبيا قام حفتر بانقلابٍ جديد للسيطرة على العاصمة طرابلس والحكم في عموم ليبيا؛ حيث أمر حفتر وحدات الجيش الليبي الواقعة تحت سيطرته بشرق ليبيا بالهجوم واجتياح العاصمة طرابلس، وكان مما قاله:

“حان موعدنا مع الفتح العظيم .. مَن ترك سلاحه فهو آمن، مَن لزِم بيته فهو آمن، ومَن رفع الراية البيضاء فهو آمِن .. لا تعتدوا وتذكَّروا قوله تعالى: ﴿وَلَاتَعتَدُوا إنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المعتدِين﴾”.

النظرة الشرعية

ونقول وبالله التوفيق:

لا شكَّ أنَّ “خليفة حفتر” هو المجرم القاتل الأكبر ـ ومَن معه ومَن وراءه ـ وقد أصدرت بعض الهيئات والشخصيات الإسلامية بياناتٍ تدين هجومَه على طرابلس العاصمة بغير وجه حقٍّ  وسفك الدماء المعصومة وترويع الآمنين بغير حقّ.

ومن ذلك بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين؛ فقد استنكر ـ في بيانٍ عاجلٍ له ـ بشدَّة التصعيدَ العسكري الذي يقوم به المجرم الليبي “خليفة حفتر”، معتبرًا ذلك من “الفساد في الأرض والبغي والعدوان الذي يجب صدُّه ومواجهته”.

وقد أبهم البيانُ الداعمين لحفتر المعتدي، وقد صرَّح بهم آخرون؛ فهذا مفتي عام ليبيا “الصادق الغرياني” المقيم حاليًّا في إسطنبول يقول:

“إنَّ دول مصر والسعودية والإمارات لا تريد لليبيا خيرًا؛ بل تريد إجهاض ثورتها”.

وأكَّد الغرياني أنَّ الدول الأجنبية الأخرى

“إمَّا متورطة بالدعم المباشر للواء المتقاعد خليفة حفتر، أو تغضُّ النظر عن الجرائم التي يرتكبها حتى يُكمِل مهمته”.

وأضاف الغرياني قائلًا:

“إنَّ حفتر يقاتل بمرتزقة بعضهم أفارقة وبعضهم ليبيون بالأموال الإماراتية، وبمعونة عملاء للمخابرات السعودية والإماراتية والمصرية”.

وطالب مفتي عام ليبيا ما أسماهم ثوَّار “مدن الثورة” بمواجهة اللواء خليفة حفتر بقوَّة السلاح ومنعه من التقدُّم لأيِّ مدينة أخرى، وأن يوحِّدوا صفَّهم ولا يتركوا السلاح أبدًا.

وقال الغرياني:

“إنَّ مشروع “حفتر” صار الآن لا يَخفى على أحد، وأنَّه أداة لمشروع أجنبي ويُدعَم لتحقيق ذلك بالمال والسلاح والمخابرات، لافتًا إلى أنَّ البلاد تشهد منذ انقلاب “حفتر” تدمير مدينة تِلوَ أخرى تحت شعارات “الكرامة والجيش ومكافحة الإرهاب”، وما هي إلا سلاح للتخلص من أي مقاومة ضدَّ الاستبداد والقهر”.

الواجب الشرعي الآن

وطالب المفتي ثوَّار ليبيا بالعودة إلى حمل السلاح، وجمع كلمتهم، وعدم انتظار لا رئيس حكومة ولا أركان ولا وزير دفاع، وأن يهبُّوا لوحدهم مثل هبّة (17) شباط/فبراير (2011)م ضدَّ نظام القذَّافي لمنع حكم العسكر أو تقدُّم حفتر خاصة ناحية الغرب الليبي.

وقال الغرياني:

“على كلِّ المدن أن تتوحَّد في وجه تمدُّد حفتر السرطاني..

يا مَن تنصرون المظلوم، فَرضٌ عليكم أن توحِّدوا صفوفكم وتواجهوا الخطر الحاذق بكم جميعًا، قبل أن يجرفكم السيل”.

شهادة الغرب على جرائمه

ولم يكن الغرياني وحيدًا في اتهاماته؛ فقد قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية:

“إنَّ الدعم الذي حصل عليه حفتر من الإمارات ومصر وفرنسا هو الذي أغراه بالسيطرة على العاصمة”.

ولفتت الصحيفة إلى أنَّ حفتر يحاول منذ (2014)م الوصول إلى العاصمة، لكنَّه يفشل في ذلك.

وقال “باتريك وينتور” في الصحيفة نفسها:

“إنَّ حفتر يريد فرضَ الحكم العسكري على البلاد، لكنَّه بالهجوم على العاصمة يكون قد حفر القبر لقوَّاته التي يُطلِق عليها وصفَ “الجيش الوطني”.

أما صحيفة “صنداي تايمز” فقد قالت:

“إنَّ “أمير الحرب” الذي دربته أمريكا، ودعمته روسيا، يريد السيطرة على السلطة”..

وقالت:

“إنَّ حفتر يزدري خطَّة الأمم المتحدة لتقاسم السلطة برعاية الأمم المتحدة، بعد أن قدَّر أنَّ خصومه في حالة ضعف، ولماذا يتقاسم السلطة إذا استطاع أن يأخذها كاملة..؟!!”

وأمَّا قولهم أمريكا هي مَن ترعى خطَّة الأمم المتحدة لتقاسم السلطة في ليبيا فهو بعيدٌ جدًّا، فعلاقة حفتر بالولايات المتحدة واضحة جدًّا؛ وقديمة وقد أقام فيها زمانًا طويلًا، وقد تمَّ نقله بطائرةٍ عسكرية أمريكية هو ورفاقه إلى أمريكا. والدول الداعمة لحفتر ومليشياته كلُّها في خدمة أمريكا لا يسعها الخروج عما تخططه ـ وإن بدا غيرُ ذلك أحيانًا.

فهذه الدول المتَّهمة بتخريب ليبيا باستخدام المجرم حفتر: “أمريكا ـ روسيا ـ فرنسا”، وأذيالها: “مصر ـ الإمارات ـ السعودية”.

فهذه السعودية تستقبل حفتر منذ أيام قليلة، وخرج من عند الملك سلمان إلى أرض المعركة مباشرة، ورغم صدور بيانات ـ هزيلة ـ من الكثير من الدول العربية لم يصدر عن السعودية أيُّ تعليق، وفوق ذلك فقد تبنَّت أجهزة إعلامها ـ هي والإمارات ـ نقل الأخبار بصورة توحي بأنَّ حفتر هو الدولة والشرعيَّة بينما تصف الدولة المعترَف بها بأوصاف المليشيات المتمرِّدة.

ولايعني في هذا المقال تزكيتنا لحكومة الوفاق برئاسة السراج أو أننا نرى أنها إسلامية شرعية. كلا؛ وانما نحن أمام خيارين أحدهما أهون مفسدة وأرحم بالمسلمين من الآخر.

خاتمة

ما أعظم سفاهة مَن يسفك الدماء إرضاءً لمن لا يملك له ضرًّا ولا نفعًا بين يدي الله، عزَّ وجلَّ، وقد تعوَّذ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ صريحًا ـ من إمارة السفهاء؛ فعن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، أنَّ النبيَّ، صلَّى الله عليه وسلّم، قال لكعب بن عجرة: «أعاذك الله من إمارة السفهاء». قال: وما إمارة السفهاء؟ قال: «أمراء يكونون بعدي لا يهتدون بهديي، ولا يستنُّون بسنَّتي؛ فمن صدَّقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا منِّي ولستُ منهم، ولا يردون عليَّ حوضي، ومن لم يصدِّقهم بكذبهم ولم يُعِنهم على ظلمهم فأولئك منِّي وأنا منهم وسيردون عليَّ حوضي». (1رواه أحمد (3/ 321) وغيره وصحَّحه الألباني في الترغيب والترهيب (2242))

ومما ورد ـ أيضًا ـ عن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، في إمارة السفهاء:

حديث عابس الغفاري قال: إني سمعت رسول الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، يقول: «بادروا بالأعمال ستًّا: إمارة السفهاء، وكثرة الشرط، وبيع الحكم، واستخفافًا بالدم، وقطيعة الرحم، ونشوًا يتخذون القرآن مزامير يقدِّمون أحدَهم ليغنِّيهم وإن كان أقلُّهم فقهًا». (2رواه الطبراني في الكبير (60) وغيره، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (2812))

وعن عوف بن مالك عن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: «أخاف عليكم ستًّا: إمارة السفهاء، وسفك الدماء، وبيع الحكم، وقطيعة الرحم، ونشوًا يتخذون القرآن مزامير، وكثرة الشُرط». (3رواه الطبراني في الكبير (105) وغيره، وصححه الألباني في صحيح الجامع (216))

فإمارة السفهاء التي حذَّرنا منها النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، هي إمارة أمراء لا يهتدون بهديه ولا يستنُّون بسنَّته، صلَّى الله عليه وسلَّم.. ومن صدَّق هؤلاء بكذبهم، وأعانهم على سفك الدماء وترويع الآمنين بغير حقٍّ وعموم الظلم، من الحمقى والمغفَّلين والمنافقين وأعوان الطواغيت فقد تبرأ منهم، صلَّى الله عليه وسلَّم، وأخبر أنَّهم لا يرِدُون عليه حوضَه.

ومن لم يصدِّقهم بكذبهم ولم يُعِنهم على ظلمهم من عقلاء وفضلاء المسلمين فأولئك مَن يتولَّاهم، صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو منهم وهم منه، وسيرِدُون عليه حوضَه..

اللهم اخذل المجرم حفتر وأعوانه..

اللهم انصر دينك وعبادك المؤمنين ..

………………………………….

هوامش:

  1. [رواه أحمد (3/ 321) وغيره وصحَّحه الألباني في الترغيب والترهيب (2242)].
  2. [رواه الطبراني في الكبير (60) وغيره، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (2812)].
  3. [رواه الطبراني في الكبير (105) وغيره، وصححه الألباني في صحيح الجامع (216)].

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة