كم ضاع الحقُ وأخفاه من أوجب الله عليهم بيانه. وذلك بحجة التلطف والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة. بينما الواجب التلطف في بيان الحق لا في كتمانه..!

وجوب الدعوة إلى الله

يتفق المسلمون على أهمية الدعوة إلى الله، ويتحدث كثيرون عن وجوبها على المسلمين، ونحن مع هؤلاء في وجوب الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة، وتذكير الناس ووعظهم ونصحهم.

إن هذا واجب على جميع المسلمين، على اختلاف مستوياتهم، ولكن هذا الواجب يتفاوت بتفاوت المسلمين علماً وفطنة وأسلوباً ومركزاً وعملاً ووقتاً.

فهم البعض للمقصود بالحكمة والموعظة الحسنة

والعجيب أن بعضهم يفهم المقصود بالحكمة والموعظة الحسنة فهماً خاطئاً يفرّغ به الدعوة من جوهرها ومضمونها وغايتها، ويخلطون فيه خلطاً شديداً بين أساليب عرض الدعوة وبين جوهرها ومضمونها، فيعممون الأسلوب على المضمون والجوهر.

يستخدم بعضهم هذه الآية الكريمة ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (النحل: 125) في أساليب الدعوة في اتهام دعاة صريحين جريئين في دعوتهم، يعتبرون هذه الصراحة والجرأة منافية للحكمة والموعظة الحسنة، ويصنّفون هذه الفضائل ضمن المعوّقات، ويجعلون صاحبها متصفاً بالتطرف والتزمت والتشدد والعنف والحدة والقسوة والانفعال والإساءة.. أما المتصف بالحكمة والموعظة الحسنة ـ عند هؤلاء ـ فهو الذي يقبل بالانحرافات، ويرضى بتصرفات أصحابها، ويرتاد الأماكن والمجالس والمحافل التي تجري فيها مخالفات شرعية، ويتباسط مع المخالفين فيها، ويسكت عن البيان والدعوة والنصح. والإسلام بريء من كل هذا والدعاة لا يتصفون بهذا..!!

الدعوة بين الأسلوب والمضمون

إن هؤلاء يخلطون بين “أسلوب” عرض الدعوة وطريقة الاتصال بالمدعوّين، وبين “جوهر” الدعوة و”مضمونها” وما يقال للمدعوين عنها.

وإن الخلط بين هذين الأمرين، وعدم التمييز والتفريق بينهما يوقع بعض المسلمين في خطأ في فهم الآيات، وخطأ في التعامل مع الآخرين، وخطأ في توصيل الدعوة لهم، وخطأ في تقديم الدعوة لهم، وخطأ في النتائج التي قد يحققونها من خلال ذلك. وهي ـ كما قلنا ـ مبنية على خطأ أساسي وهو المتعلق بفهم آيات الدعوة وإدراك معانيها واستخراج دلالاتها..

الفرق بين الأسلوب والمضمون

هناك فرق واضح بين الأمرين، بين الأسلوب والمضمون. بين المنهج والطريقة، بين جوهر الفكرة وأسلوب تقديمها، بين الموضوع وكيفية تقديمه.

فرْقٌ بين “ماذا نقول” للناس وبين “كيفية هذا القول” للناس، و”آداب تقديمه” للناس.

وأي خلط بين هذه الأمور في موضوع الدعوة يوقع الدعاة والمدعوين، والناصحين الموجهين، والناقدين المنظِّرين في نتائج خاطئة.

“الأسلوب” أو “الطريقة” أو “الكيفية” إنما في “آداب” الدعوة وعرضها وتقديمها للناس، في الصورة التي نقدم الدعوة من خلالها، والإطار الذي نضعها فيه، والآداب التي نراعيها فيها.. في شكل الداعية الخارجى؛ في مظهره وهندامه وتصرفاته وحركاته.. في طريقته في العرض والكلام.. في نبرة صوته وقسمات وجهه وحركات يديه وانفعالات كيانه.. في طريقة اتصاله بالمدعوين وتعامله معهم وتقديم نفسه ودعوته لهم.

أما “المضمون” و”الجوهر” فهو في “نفس” الكلام الذي يقوله وليس “طريقة” قوله.. في الحقيقة التي يقررها وليس في طريقة تقريرها.. في الموضوع الذي بيّنه وليس في طريقة بيانه والتعبير عنه.

هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في البيان

كل من أمعن في سيرة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وطريقته في تبليغ الدعوة ومخاطبة الآخرين، يرى الفرق واضحاً بين “أسلوبه” في عرض الدعوة و”مضمونها” الذي بلّغه للناس، يرى الفرق واضحاً بين طريقته في مخاطبة الناس في الدعوة وكيفية هذه المخاطبة، وبين الموضوع الذي خاطبهم فيه.

أساس دعوته ومضمونها وجوهرها: أن يوحدوا الله، ويؤمنوا برسوله، عليه الصلاة والسلام، هذا لم يتغير في أي ظرف أو زمان أو مكان. هناك حقائق وقواعد وأسس لم يتنازل عنها أو يتراجع، ولم يفاوض حولها أو يهادن أو يساوم: إن المؤمنين هم أهل الجنة، وإن الكافرين هم أصحاب النار، إن الكافرين ليسوا على دين، وإن الحق حق والباطل باطل، وإن المعروف مطلوب والمنكر مذموم متروك.. إلى غير ذلك من الحقائق الثابتة والقواعد الراسخة.

أما أسلوبه في تقديم هذه الحقائق، والصدع بهذه الأوامر، فقد كان متصفاً بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن.

ودوا لو تدهن فيدهنون

لقد أزعج الكافرين ثباتُ الرسول، صلى الله عليه وسلم، على مضمون الدعوة وجوهرها. وعدم تراجعه عنها ومساومته عليها، ونجاحه في سلوك الأسلوب الناجح في عرض هذه الحقائق وتقديمها للناس. أزعجهم تفريقه بين الأسلوب والمضمون، وفصله بين ما يجب أن يقال وكيفية وطريقة أن يقال.

ولهذا أرادوا أن يساوموه ويداهنوه، أرادوا منه أن يتراجع عن موقفه، ويتنازل عن خصائصه؛ ﴿ودُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ [القلم: 9] أرادوا أن يضيّعوا المضمون ويميّعوا الحق، فعرضوا عليه الالتقاء في منتصف الطريق: نعبد إلهك يوماً وتعبد آلهتنا يوماً..! فجاء الحسم من الله في عدم المساومة على الحقائق ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * ولا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * ولا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ ولِيَ دِينِ﴾ [سورة الكافرون].

أرادوا أن يحرفوه عن الحق الذي معه، وأن يفتنوه عن الذي أوحاه الله إليه: ﴿وإن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَذِي أَوْحَيْنَا إلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وإذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * ولَوْلا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحَيَاةِ وضِعْفَ المَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً﴾ [الإسراء: 73-75].

نماذج من الحقائق التي بلّغها

أمر الله رسوله، صلى الله عليه وسلم، أن يبلّغ كل ما أمره به، وأن لا يخفي من جوهره ومضمونه شيئاً، وأن لا يخشى في الحق لومة لائم؛ فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وإن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ واللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ [المائدة: 67].

ولاحِظ التعبير باسم الموصول ﴿مَا أُنزِلَ إلَيْكَ﴾ واسم الموصول يفيد العموم والشمول والاستغراق؛ يعني بلِّغ الناسَ كلَ الذي أنزل إليك من ربك، وإن أخفيت بعضه فما بلغت رسالته.. ﴿واحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إلَيْكَ﴾ [المائدة: 49].

وقد كلّف الله رسوله، صلى الله عليه وسلم، بتبليغ حقائق دينه وموضوع دعوته بكلمة (قُل)، وهي “قُل” (التكليفية التلقينية) وقد وردت هذه الكلمة التكليفية “ثلاثمائة واثنتين وثلاثين” مرة في القرآن الكريم. (1انظر المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبد الباقي: 57-575) وكثرة ورودها دليل على “أهمية” تبليغ مضمون الدعوة و”كثرة” الحقائق التي يجب تقديمها للناس.

ونختار فيما يلى بعض هذه الحقائق التي كلف الرسول، صلى الله عليه وسلم، ببيانها، والتي يظن بعض الناس أنها مما تخضع للإخفاء والمداهنة والمساومة، والتي قد يكلِّف تبليغها جهداً ومشقة وعنتاً وإرهاقاً، والتي قد يصيب المبلّغ فيها أذى وضراً.. والتي قد يعتبر تبليغها نوعاً من الغلظة والعنف والقسوة مما لا يتفق مع الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة:

﴿قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وتُحْشَرُونَ إلَى جَهَنَّمَ وبِئْسَ المِهَادُ﴾ [آل عمران: 12].

﴿قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ والإنجِيلَ ومَا أُنزِلَ إلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ولَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وكُفْراً﴾ [المائدة: 68].

﴿قُلْ إنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهُوَاءكُمْ﴾ [الأنعام: 56].

موسى أمام فرعون والقول اللين

وكما نجد التفريق واضحاً في طريقة الرسول، صلى الله عليه وسلم، في تبليغ الدعوة، بين الأسلوب والمضمون، نجد هذا واضحاً في هدي الأنبياء السابقين ـ عليهم السلام ـ ونختار منهم موسى، عليه الصلاة والسلام؛ فقد كلفه الله بالذهاب إلى فرعون: ﴿اذْهَبْ إلَى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَى * فَقُلْ هَل لَّكَ إلَى أَن تَزَكَّى * وأَهْدِيَكَ إلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى﴾ [النازعات: 17-19].

وكلّفه في سورة طه مع أخيه هارون عليهما السلام: ﴿اذْهَبْ أَنتَ وأَخُوكَ بِآيَاتِي ولا تَنِيَا فِي ذِكْرِي * اذْهَبَا إلَى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه: 42-44].

ونفهم من هذه الآيات أنها تدل على أسلوب تقديم الدعوة إلى فرعون، وطريقة توصيلها له ولقومه، واستخدام أسلوب الترغيب والحث والتحضيض:

﴿هَل لَّكَ إلَى أَن تَزَكَّى * وأَهْدِيَكَ إلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى﴾ .. هل لك؟ بهذا اللطف والترغيب وحسن العرض والإقناع.

﴿فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً﴾، القول اللين إنما هو في طريقة القول وكيفيته ودرجته وحالته. إن هذه الآيات لا تتحدث عن جوهر الدعوة، ولا مضمونها، وإنما عن طريقة عرضها وأسلوب تقديمها.

ماذا قال موسى لفرعون؟ ما هي الحقائق التي قدمها له بالأسلوب اللين الهادئ؟

﴿قَالَ فِرْعَوْنُ ومَا رَبُّ العَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ ومَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ ورَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ * قَالَ إنَّ رَسُولَكُمُ الَذِي أُرْسِلَ إلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ المَشْرِقِ والْمَغْرِبِ ومَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ * قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إلَهاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ المَسْجُونِينَ * قَالَ أَوَ لَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ * قَالَ فَأْتِ بِهِ إن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الشعراء: 23-31].

هل تنازل موسى في هذه الآيات عن الأسلوب الهادئ والقول اللين في عرض الدعوة؟ كلا. وهل خلط بين الأسلوب والمضمون، بين ما قال وكيف قال؟ كلا.

عندما اتهم فرعون موسى بأنه مسحور، وهاجمه في دعوته، هل سكت موسى، عليه السلام، من باب القول اللين والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة؟ نستمع إلى آيات الاسراء:

﴿ولَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إسْرَائِيلَ إذْ جَاءهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً * قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ بَصَائِرَ وإنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً﴾ [الإسراء:101- 102].

بماذا نصِف موسى، عليه السلام، عندما قال ذلك لو لم يكن موسى نبياً..؟ ولو كان داعية يعيش في هذا الزمان، وقال هذا الكلام نفسه، ماذا يقولون عنه؟ وبماذا يصفونه؟ ومع من يصنفونه؟ مع المتزمتين المتشددين المتطرفين، المتعصبين أصحاب الغلظة والشدة والقسوة والعنف..؟!!

مضمون الدعوة لا يتغير

مضمون الدعوة وجوهرها لا يتغير، وحقائق الدعوة ومبادئها لا تتبدل، بل تبقى ثابتة على اختلاف الزمان والمكان والظروف والأشخاص. إن هذه الأمور غير خاضعة للتغيير أو التبديل أو الاجتهاد أو النسخ، لأننا لسنا نحن الذين فردناها أو اخترناها، بل إن الله رب العالمين ـ سبحانه ـ هو الذي تكفل بأفرادها واختيارها وبيانها لنا، وطالبَنا أن نلتزم بها وأن لا نخرج عنها.

والداعية مطالَب أن يبلغها كلها للناس، وإن لم يفعل فما قام بالمطلوب ولا بلّغ الرسالة. ويحْرُم عليه أن يخفي منها واحدة، أو يجبن عن بيان واحدة، أو يفاوض ويداهن على واحدة، ويساوم على حساب واحدة، أو يؤجل أو يعطل واحدة، أو يحرف في معنى واحدة، أو يستحي من الجهر بواحدة.

خاتمة

من حقائق الدعوة الثابتة التي لا تغيير فيها ولا تبديل: بيان الحق والباطل، وبيان الطريق إلى الله، وبيان الدين عند الله، وبيان أوصاف الذين يحبهم الله، وأوصاف الذين يبغضهم الله، وبيان الوظيفة والغاية وبيان الحلال والحرام، والمعروف والمنكر، وبيان ما يقرّره الإسلام، وما يبطله في حياة الأفراد والأمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية والسلوكية والإيمانية، وبيان أوصاف الكافرين والظالمين والمعتدين.

وخلاصة هذه المسألة أن على الداعية أن يفرق بين الأسلوب والمضمون فيطوّر في الأول وينوع ويجتهد، أما الثاني فإنه ملتزم فيه بالأصول وَقَّاف عند النصوص.

………………………………..

هوامش:

  1. انظر المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبد الباقي: 570-575 .

المصدر:

  • الدعوة إلى الله بين الأسلوب والمضمون، شبكة نور الاسلام، د. صلاح عبد الفتاح الخالدي.

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة