ثمة أمل وخير يلوح للمؤمن أن يبلغ أُفقا راقيا ومرتقى عاليا؛ يناله من خلال المحبة ودروب القلوب إذ يرتبط حبا بخير البرية، محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه.

مقدمة

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد:

فقد روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم متى الساعة؟ قال ما أعددت لها؟ قال: ما أعددتُ لها كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله قال: «أنت مع من أحببت».

اشتمل هذا الحديث على فوائد عظيمة جدير بالمسلم الذي يحب الخير والنجاة لنفسه أن يقف عندها ويتأملها ويعرض نفسه عليها، ويحدد مدى قربه وبعده منها.

وسأقف عند فائدة واحدة من فوائد هذا الحديث تُعد من مسائل هذا الدين ومعانيه العظيمة التي لا يصح توحيد العبد وإيمانه إلا بها؛ ألا وهي عقيدة” الحب في الله والبغض في الله والموالاة فيه والمعاداة فيه” وذلك عند قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث «أنت مع من أحببت».

من فوائد الحديث جليل القدْر

وسأُجمل فوائد هذه الجملة العظيمة التي تُعدّ من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم في المسائل التالية:

من لوازم المحبة ومقتضياتها

إن المعية المذكورة في الحديث للمحبوب هي من لوازم المحبة ومقتضاها؛ فلا يمكن أن توجد المعية والصحبة والأنس لأحد إلا إذا كان محبوبا إلا أن يكون مكرها.

المحبة في الدنيا تؤول الى المعية في الآخرة

المعية للمحبوب تكون في الدنيا والآخرة، أي أن المحبوب في الدنيا لا يمكن أن يكون عدوا بل وليا ونصيرا وأنيسا، ويوم القيامة يكون المحب مع محبوبه ويُحشر معه؛ إن كان محبا للمؤمنين فمع المؤمنين وإن كان محبا للكافرين والطغاة والمنافقين فمع الكفار والظالمين  والمنافقين. ولكن المعية في الآخرة مع الكفار والمنافقين منزوعة المحبة؛ بل يحل محلها البغض والعداوة والبراءة؛ ولكن حين لا ينفع ذلك قال تعالى:  ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ (الزخرف:67) وقال سبحانه: ﴿وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ (العنكبوت:25)

التحذير من الركون الى الكافرين

ينبهنا هذا التوجيه النبوي الى خطورة محبة أعداء الله من الكفار والطغاة والمنافقين وموالاتهم والركون إليهم وأن ذلك يؤدي الى أن يكون مثلهم ومعهم وقد يخرج بذلك عن دائرة الإسلام والعياذ بالله لذا ينبغي للمسلم أن ينظر إلى مصاف قدميه أين تكون هل هي في خندق المؤمنين أم في خندق الكفار والمنافقين

خاتمة

نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أوليائه المتقين، سِلْما لأوليائه حربا على أعدائه؛ نوالي من والاه ونعادي من عاداه.. والحمد لله رب العالمين.

……………………………….

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة