من المعروف عن الفرق الباطنية تدبير المؤامرات وتهييج الفتن وحبك الدسائس في طول البلاد وعرضها. وقد ابتُلي أهل السنة خاصة بها بلاء عظيما. وكانت أفكارها وأفعالها عبر التاريخ الإسلامي شاهدة على زيغها وضلالها وسوء اعتقادها.

جذور الفكر الباطني

المؤسس الأول للعمليات الإرهابية في تاريخ المسلمين هو الرافضي الفارسي الحسن بن الصباح مؤسس طائفة الباطنية الفدائية في القرن الخامس الهجري.

الباطنية فرقة انبثقت عن طائفة الإسماعيلية الرافضية الذين يثبتون الإمامة في إسماعيل بن جعفر الصادق، والباطنية لقب من ألقابهم لأنهم يقولون:- (إن لكل ظاهر باطنا ولكل تنزيل تأويلا)، وقد أسس حركة الباطنية الحشيشية الفارسي الحسن بن محمد الصباح الذي سافر من إيران إلى مصر وقابل الخليفة العبيدي (الفاطمي) المستنصر وتلقى منه أصول الدعوة الإسماعيلية، وعاد الى فارس واستولى في سنة 473 هجرية على قلعة الموت التي عرفت باسم عش العقاب لمناعتها وحصانتها حيث تقع على قمة أحد الجبال في سلسلة جبال زاجروس غربي إيران وقد بنوا وسيطروا على نحو 50 قلعة فيها .

وقد وضع الحسن الصباح لأتباعه تنظيما دقيقا وقسمهم الى خمس مراتب وصنف كتابا من أربعة فصول ضمنه أهم مبادىء دعوته وجند فئة من أتباعه عرفت باسم الفدائيين أو الحشيشية لتعاطيهم الحشيش أثناء تنفيذ عملياتهم وتميزت طائفة الحشيشية بقوة أبدانها وطاعتها العمياء لزعمائها. فهم لا يتحرجون عن اغتيال خصومهم بالخناجر مهما كانت النتائج . حتى أصبح الاغتيال عندهم فنا محببا.

وقد سرب ابن الصباح بعض أتباعه الى الشام فسيطروا على عدد من القلاع في جبال النصيرية مثل قلعة مصياف قرب طرابلس وقلعة الخوابي والقدموس وقلعة في جبل يسمى أبي قبيس وأماكن أخرى في الشام.

الاغتيالات أبرز أدوار الحركات الباطنية

وقد بدأ نشاطهم الهدام منذ وقت مبكر فاغتالوا الوزير السلجوقي العبقري نظام الملك صاحب كتاب “سياسة نامة” أي الحكم والسياسة فاغتالوه سنة 485 هجرية.

وكان لمقتله نتائج مدمرة على الدولة السلجوقية حيث أسهم مقتله في تدهورها وتمزقها وعدم قدرتها على مواجهة الحملة الصليبية الأولى سنة 490 و 491 هجري .

ومنذ ذلك الحين بدأوا في اغتيال الزعماء الذين رفعوا راية الجهاد ضد الصليبيين مثل الأمير مودود الذي هزم الصليبيين عند طبرية سنة 507 هجرية فاغتاله الباطنية صبيحة عيد الفطر داخل الجامع الأموي في دمشق في السنة نفسها . الأمر الذي أفرح ملك القدس الصليبي بلدوين الأول الذي هزمه مودود .

فأرسل الصليبي بلدوين الأول الى أمير دمشق يشمت بالمسلمين ويسخر منهم ويقول في رسالته: (إن أمة قتلت عميدها يوم عيدها حق على الله أن يبيدها).

واغتال الباطنية سنة 520 هجرية أمير الموصل آقسنقر البرسقي الذي بدأ يجاهد الصليبيين وذلك في صلاة الفجر. وقد قتلوا حتى بعض الخلفاء العباسيين .

ومن الخلفاء العباسيين الذين قتلوهم الخليفة الراشد وابنه الخليفة المسترشد بالإضافة الى الكثير من الوجهاء والشخصيات البارزة من المسلمين.

تحالف الباطنية مع الصليبين

ولم يتورع الباطنية عن القتال جنبا الى جنب مع الصليبيين، فقد انضم زعيم الباطنية في بلاد الشام علي بن وفا الكردي الى أمير أنطاكية الصليبي ريموند بواتييه ضد نور الدين زنكي لكن نور الدين تمكن من تدمير قواتهما معا وقتل ريموند وعلي بن وفا في معركة غربي حلب سنة 543 هجرية .

وأرسل نور الدين رأس ريموند وذراع علي بن وفا اليمنى في صندوق من الفضة الى الخليفة العباسي في بغداد يبشره بالنصر وبقطع يد الباطنية الطويلة!!!!

فشلهم في اغتيال صلاح الدين

وقد حاول الباطنية في بلاد الشام مرتين اغتيال صلاح الدين ولكنهم فشلوا فهاجمهم صلاح الدين وحاصرهم في قلاعهم حتى طلبوا الهدنة فأجابهم كي يتفرغ لإعادة الجبهة الإسلامية المتحدة ويتفرغ لجهاد الصليبيين . وأيضا حتى لا يضطرهم الى أن يسلموا قلاعهم للصليبيين وهي قريبة من حمص وحماة.

فساد أخلاقهم

لم يقتصر دورهم الهدام في بلاد الشام على محالفة الصليبيين وقتل زعماء الجهاد بل تفشى بينهم مرض تعاطي الحشيش فأفقدهم صوابهم حتى أنهم كانوا لا يتورعون – على حد قول ابن أيبك الدواداري: (على أن يفجروا ببناتهم وأمهاتهم وأخواتهم ، كما فعلوا كل محرم في شهر رمضان ليلا ونهارا).

وكان دمار الباطنية في غربي إيران على يد هولاكو سنة 654 هـ، ودمار الباطنية في الشام على يد البطل الظاهر بيبرس الذي دمر قلاعهم واستعبدهم بالكلية.

المصدر

صفحة أ . د / علي بن محمد عودة الغامدي على منصة x.

اقرأ أيضا

التحالف غير المرئي بين الروم والعبيديين

الفرق الباطنية … المنهاج والتاريخ

التنوير والتجديد والحداثة .. الباطنية الجديدة

إخوان الصفا جناح فكري للباطنية

التعليقات غير متاحة