إن هذه الملحمة الكبرى وهذا النصر المبين لحزب الله المؤمنين والغرق والهلاك للطغاة والمفسدين وقع كله في العاشر من هذا الشهر شهر الله المحرم، وعليه فيوم عاشوراء يوم من أيام الإيمان.

الظلم مرتعه وخيم، والمكر السيئ لا يحيق إلا بأهله

إن ثوبي الكبرياء والعظمة لله لا ينبغي لأحد من البشر مهما كان أن ينازع فيهما، قال الله تعالى في الحديث القدسي: «الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري فمن نازعني واحدًا منهما قذفته في النار»1(1) رواه مسلم وأبو داود- جامع الأصول 10/ 63. والظلم مرتعه وخيم، والمكر السيئ لا يحيق إلا بأهله تلك معان وحقائق يعرضها علينا القرآن في أكثر من مشهد وغير واحد من المواقف والقصص في أخبار السابقين، ولكنها تتجلى بشكل واضح، ويزداد تكرارها في القرآن في قصة موسى عليه السلام وفرعون اللعين، بشكل ملفت للنظر لمن تمعن في قصص القرآن.

لماذا يكثر ذكر قصة موسى عليه السلام مع فرعون في القرآن؟

وقد أجاب أهل التفسير عن ذلك بأنها من أعجب القصص، أما وجه العجب فقالوا: إن فرعون حذر من موسى كل الحذر فسخره الله أن ربى هذا الذي يحذر منه على فراشه ومائدته بمنزلة الولد، ثم ترعرع وعقد الله له سببًا أخرجه من بين أظهرهم، ورزقه النبوة والرسالة والتكليم، وبعثه الله إليه ليدعوه إلى الله تعالى ليعبده ويرجع إليه، هذا مع ما كان عليه فرعون من عظمة الملك والسلطان، فجاءه برسالة الله وليس له وزير سوى أخيه هارون عليه السلام، فتمرد فرعون واستكبر وأخذته الحمية والنفس الخبيثة الأبية وركب رأسه وتولى بركنه وادعى ما ليس له وتهجم على الله وعتا وبغى، وأهان حزب الإيمان من بني إسرائيل، والله تعالى يحفظ رسوله موسى وأخاه هارون- عليهما السلام- ويحوطهما بعنايته ويحرسهما بعينه التي لا تنام، ولم تزل المحاجة والمجادلة والآيات تقوم على يدي موسى شيئًا بعد شيء ومرة بعد مرة مما يبهر العقول ويدهش الألباب مما لا يقوم له شيء، ولا يأتي به إلا من هو مؤيد من الله، وصمم فرعون وملأه- قبحهم الله- على التكذيب بذلك كله، والجهد والعناد والمكابرة حتى أحل الله بهم بأسه الذي لا يرد، وأغرقهم في صبيحة واحدة أجمعين (فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين)2(2) تفسير ابن كثير 4/ 220، 221..

فهل من مدكر؟ وكيف وقع الغرق؟ وما هي عاقبة الظلم والطغيان، وكيف نستفيد من قصص القرآن؟

تلك أسئلة مهمة، ومفتاح الإجابة عليها في أمثال قوله تعالى: (وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون) [البقرة، الآية: 50].

وفي قوله تعالى: (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيًا وعدوًا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين * الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين * فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرًا من الناس عن آياتنا لغافلون) [يونس، الآية: 90 – 92].

كيف وقع الغرق؟

وتأويل ذلك: أن بني إسرائيل حين خرجوا من مصر صحبة موسى عليه السلام وهم فيما قيل ستمائة ألف مقاتل سوى الذرية- ويقال: إن إسرائيل وهو يعقوب عليه السلام حين دخل مصر دخلها في ستة وسبعين نفسًا من ولده وولد ولده، فأنمى الله عددهم وبارك في ذريتهم 3(3) تفسير القرطبي 1/ 389. وكانوا بنو إسرائيل حين خرجوا قد استعاروا وكان من القبط حليًا كثيرًا (ومتاعًا وأحل الله ذلك لبني إسرائيل)4(4) القرطبي 1/ 389. فخرجوا به معهم، فاشتد حنق فرعون عليهم، فأرسل في المدائن حاشرين، يجمعون له جنوده من أقاليمه، فركب وراءهم في أبهة عظيمة وجيوش هائلة لما يريده الله تعالى بهم، ولم يتخلف عنه أحد ممن له دولة وسلطان في سائر مملكته فلحقوهم وقت شروق الشمس (وذكر الطبري أن فرعون أعلم أن موسى سرى ببني إسرائيل من أول الليل فقال: لا يتبعهم أحد حتى تصيح الديكة، فلم يصح تلك الليلة بمصر ديك، وأمات الله تلك الليلة كثيرًا من أبناء القبط فاشتغلوا في الدفن وخرجوا في الاتباع مشرقين5(5) القرطبي 1/ 389. (فلما تراءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون) وذلك إنهم لما انتهوا إلى ساحل البحر وأدركهم فرعون لم يبق إلا أن يتقاتل الجمعان، وألح أصحاب موسى عليه السلام عليه بالسؤال كيف المخلص مما نحن فيه؟ فيقول: إني أمرت أن أسلك (ها هنا كلا إن معي ربي سيهدين) فعندما ضاق الأمر اتسع، فأمره الله أن يضرب البحر بعصاه، فضربه فانفلق (فكان كل فرق كالطود العظيم) أي كالجبل العظيم، وصار اثني عشر طريقًا لكل سبط واحد، وأمر الله الريح فنشفت أرضه (فاضرب لهم طريقة في البحر يبسًا لا تخاف دركًا ولا تخشى) وتخرق الماء بين الطرق كهيئة الشبابيك ليرى كل قوم الآخرين حتى لا يظنوا أنهم هلكوا، وجاوز بنوا إسرائيل البحر، فلما خرج آخرهم منه انتهى فرعون وجنده إلى حافته من الناحية الأخرى (وعدتهم فيما قيل ألف ألف ومئتا ألف)6(6) تفسير القرطبي 1/ 389 ...

ومعهم مائة ألف أدهم (فرس) سوى بقية الألوان، فلما رأى ذلك فرعون هاله البحر وأحجم وهاب وهم بالرجوع وهيهات ولا حين مناص، نفذ القدر واستجيبت الدعوة، وجاء جبريل على فرس وديق حائل (ويقال إنه لم يكن في خيل فرعون فرس أنثى، ويقال أن جبريل جاء في صورة هامان وقال له: تقدم، ثم خاض البحر فتبعهما حصان فرعون وميكائيل يسوقهم لا يشذ منهم أحد7(7) تفسير القرطبي 8/ 377. ولم يبق فرعون يملك من نفسه شيئًا فتجلد لأمرائه، وقال لهم: ليس بنو إسرائيل بأحق بالبحر منا. فاقتحموا كلهم عن آخرهم، فلما اجتمعوا فيه وتكاملوا، وهو أولهم بالخروج منه أمر الله القدير البحر أن فارتطم عليهم، فارتطم فلم ينج منهم أحد، وجعلت الأمواج ترفعهم وتخفضهم، وتراكمت الأمواج فوق فرعون وغشيته سكرات الموت فقال وهو كذلك (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) فآمن حيث لا ينفعه الإيمان (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون) [غافر: 84، 85].

فرعون في لحظاته الأخيرة

وهكذا قال الله تعالى في جواب فرعون حين قال ما قال (آلان وقد عصيت قبل) أي أهذا الوقت تقول وقد عصيت الله قبل هذا فيما بينك وبينه (وكنت من المفسدين)8(8) تفسير ابن كثير 4/ 226، 227..

إن هذا الذي حكاه الله عن فرعون في حاله ذاك من أسرار الغيب التي يعلم الله بها رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم فلم يسمعها، بل ربما لم يسمعها أحد من خلقه بقي على الحياة بعد فرعون، ولكن جبريل وقد حضر الواقعة وسامع الكلمة- أوحى بها بأمر الله إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وبلغه كذلك بغيرها مما وقع بينه وبين فرعون في لحظاته الأخيرة، فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما قال فرعون (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل) قال: قال لي جبريل: يا محمد لو رأيتني وقد أخذت حالاً من حال البحر (وهو الطين الأسود في قاع البحر) فدسسته في فيه مخافة أن تناله الرحمة»9(9) قال الترمذي: حديث حسن (تفسير ابن كثير 4/ 227).. تلك واحدة من أسرار القرآن، وهي معدودة في دلائل نبوته عليه السلام حتى قال الطبري: «وفي أخبار القرآن على لسان محمد عليه الصلاة والسلام بهذه المغيبات التي لم تكن من علم العرب ولا وقعت إلا في حق بني إسرائيل دليل واضح عند بني إسرائيل قائم عليهم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم»10(10) انظر تفسير القرطبي 1/ 393..

صور من النصر

والحادثة بمجملها تؤكد نهاية الطغيان وهلاك المجرمين، ونصرة الحق ونجاة المؤمنين، وإذا كانت هذه الحقيقة بارزة في هذا المشهد والحق ينتصر على مشهد من الناس في هذه الحياة، فليس ذلك شأن القصص كله في القرآن، إذ ليس أمد النصر ينتهي في هذه الحياة: وليس معنى النصر مقصورًا على النصر المحسوس للناس، فقد ينال النصر فرد أو مجموعة من الصادقين وإن خيل للناس أنهم قد استضعفوا أو أهينوا أو غلبوا في هذه الحياة الدنيا أجل لقد انتصر الخليل عليه السلام على الطغاة وإن قذف في النار، وانتصر أصحاب الأخدود وإن حفرت لهم الأخاديد وأحرقوا، وانتصر الغلام المؤمن وإن كانت روحه قد أزهقت على ملأ الناس الذين لم يتمالكوا أنفسهم وقالوا آمنا برب الغلام.

الثبات على المبدأ الحق حتى الممات نصر

وهكذا يبدو النصر أشمل من صورته الظاهرة المحسوسة، وينبغي أن يعلم الناس أن الثبات على المبدأ الحق حتى الممات نصر، وأن نصر المبادئ والقيم نجاح ونصر، وينبغي ألا يصاب الناس بالإحباط إذا لم يشهدوا نصر الحق وأهله في هذه الحياة الدنيا، فليست هذه الدار نهاية المطاف، بل وليست أعمارهم هم مستغرقة لكل هذه الحياة الدنيا وقد يشهد أبناؤهم أو أحفادهم النصر الذي بذرت بذوره الأولى في عهد آبائهم وأجدادهم، ولهذا أوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم فيما أوحى (وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون) [يونس: 46]، وأوحى إليه أيضًا (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون) [الزخرف: 41، 42].

كل ذلك حتى لا يستعجل النصر ولا يتعلق به أكثر وتعلقه بتهيئة أسبابه والصبر على متطلباته.

تلك قيمة كبرى من قيم القرآن، وعبرة عظمى من عبر التاريخ لابد من وعيها. ولله الأمر من قبل ومن بعد ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

الشكر والمحافظة على النصر

ثمة درس ثالث وقيمة كبرى نستفيدها من قصص القرآن ألا وهي الحفاظ على النصر، ومضاعفة الشكر حين تتضاعف النعم، وكما يمتحن الله بالضعف والذلة والهزيمة والمطاردة يمتحن كذلك بالقوة والعزة والنصر والتمكين، فمن الناس من يصبر حال الضعف والقلة، ولا يشكر في حال القوة والكثرة، والمؤمنون الصادقون هم الذين يصبرون في الضراء ويشكرون في السراء قال عليه الصلاة والسلام «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له»11(11) رواه مسلم..

ووصف الله عباده الذين يستحقون التمكين في الأرض ويستحقون النصر بقوله: (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور) [الحج، الآية: 40، 41].

إطلالة على تاريخ بني إسرائيل

وتعالوا بنا إخوة الإيمان لنقرأ على عجل شيئًا من تاريخ هذه الأمة التي نصرت ورأت من آيات الله الباهرات ما رأت، هل قدرت هذا النصر وأورثها التقى والهدى واتباع المرسلين، أم زاغت وحرفت وبدلت وآذت المرسلين؟ .

إن تاريخ بني إسرائيل شهد من المعجزات على يدي موسى عليه السلام ما لم تشهده أمة من الأمم قبلهم، وشهد في الوقت نفسه من الحيل والصدود والإيذاء لموسى عليه السلام ما يجل عن الوصف، وحذرت هذه الأمة أن تسلك مسلكهم (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهًا) [الأحزاب، الآية: 69].

اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة

وإليكم طرفًا من سيرتهم: ذكر أبو بكر بن أبي شيبة عن قيس بن عباد أن بني إسرائيل قالت: وما مات فرعون وما كان ليموت أبدًا، فلما أن سمع الله تكذيبهم بنبيه عليه السلام رمى به على ساحل البحر كأنه ثور أحمر يتراءاه بنو إسرائيل، فلما اطمأنوا وبعثوا من طريق البر إلى مدائن فرعون حتى نقلوا كنوزه وغرقوا في النعمة رأوا قومًا يعكفون على أصنام لهم قالوا: يا موسى اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة- حتى زجرهم موسى وقال: أغير الله أبغيكم إلهًا وهو فضلكم على العالمين- أي عالمي زمانه- ثم أمرهم أن يسيروا إلى الأرض المقدسة التي كانت مساكن آبائهم ويتطهروا من أرض فرعون، وكانت الأرض المقدسة في أيدي الجبارين قد غلبوا عليها، فاحتاجوا إلى دفعهم عنها بالقتال، فقالوا: أتريد أن تجعلنا لحمة للجبارين، فلو أنك تركتنا في يد فرعون لكان خيرًا لنا فدعا عليهم وسماهم فاسقين .. فبقوا في التيه أربعين سنة عقوبة لهم، ثم رحمهم فمن عليهم بالسلوى والغمام.

سوء أخلاقهم مع موسى عليه السلام

ثم سار موسى عليه السلام إلى طور سيناء ليجيئهم بالتوراة فاتخذوا العجل، ثم قيل لهم: قد وصلتم إلى بيت المقدس فادخلوا الباب سجدًا وقولوا حطة، فبدلوا وأنزل الله بهم وأنزل كما في القرآن الكريم، وكان موسى عليه السلام شديد الحياء ستيرًا وكانوا هم يغتسلون عراة يرى بعضهم عورة بعض، فقالوا: ما استتر إلا أنه آدر أي من عيب خلقي في خصيته- حتى كشف الله لهم الحقيقة حينما ذهب الحجر بثوبه فأبصروه لا عيب فيه، ولما مات هارون قالوا: أنت قتلته وحسدته حتى نزلت الملائكة بسريره وهارون ميت عليه .. إلى غير ذلك من مواقفهم المشينة حتى بلغ بهم الأمر أن بدلوا التوراة، وافتروا على الله، وكتبوا بأيديهم ما لم يأذن به الله، واشتروا به عرضًا من الدنيا، ثم صار أمرهم إلى أن قتلوا أنبياءهم ورسلهم، فهذه معاملتهم مع ربهم وسيرتهم في دينهم وسوء أخلاقهم12(12) تفسير القرطبي 1/ 392، 393..

يوم عاشوراء يوم من أيام الإيمان

أجل لقد شاء الله أن تكون هذه الأمة نموذجًا لمن بغى وتجبر وأعرض وأنكل بعد أن أبصر من آيات الله ما أبصر فأحل الله بهم بأسه ومسخهم قردة وخنازير وألحقهم بمن سلفهم، وكذلك تعمى القلوب وتصم الآذان عن رؤية الحق وسماع الهدى لدى القوم الفاسقين الغافلين، وصدق الله: (وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) [يونس، الآية: 101].

إن هذه الملحمة الكبرى وهذا النصر المبين لحزب الله المؤمنين والغرق والهلاك للطغاة والمفسدين وقع كله في العاشر من هذا الشهر شهر الله المحرم، وعليه فيوم عاشوراء يوم من أيام الإيمان، ومناسبة تستحق الشكر والعرفان- بما شرع الله لا بما يهوى البشر، لا بما يتوارثه أصحاب النحل والملل والأهواء الفاسدة.

صيام يوم عاشوراء

وقد قدر المؤمنون على مدار التاريخ هذا اليوم وعظموه وكانت اليهود يصومون ويقولون: إن موسى عليه السلام صامه شكرًا لله، فصامه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: «نحن أحق بموسى منكم»، بل كانت العرب في جاهليتها تصوم ذلك اليوم وتعظمه وتكسو فيه الكعبة13(13) زاد المعاد 2/ 70.، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بمخالفة اليهود وصيام التاسع مع العاشر فقال: «إن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع» (يعني مع العاشر)14(14) رواه مسلم/ 1134..

وصيام التاسع مع العاشر هو أصح ما جاء، وعليه أكثر الأحاديث، أما حديث «صوموا يومًا قبله أو يومًا بعده» فالمرفوع منه للنبي صلى الله عليه وسلم ضعيف، والموقوف على ابن عباس رضي الله عنهما صحيح15(15) زاد المعاد 2/ 69. وكذلك حديث «صوموا يومًا قبله ويومًا بعده»16(16) أخرجه البيهقي وسنده ضعيف (زاد المعاد 2/ 76 الحاشية)..

وإن كان ابن القيم ذكر مراتب صيامه فقال: «أكملها أن يقام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم»17(17) زاد المعاد 2/ 76..

معاشر المسلمين قدروا هذا اليوم وصوموه قربة لله وشكرًا، واحتسابًا للمغفرة والمثوبة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «صوم عاشوراء يكفر سنة ماضية» واسألوا الله النصر للإسلام والمسلمين. فالذي قدر النصر للسابقين قادر على إنزال النصر على اللاحقين.

الهوامش

(1) رواه مسلم وأبو داود- جامع الأصول 10/ 63.

(2) تفسير ابن كثير 4/ 220، 221.

(3) تفسير القرطبي 1/ 389.

(4) القرطبي 1/ 389.

(5) القرطبي 1/ 389.

(6) تفسير القرطبي 1/ 389 ..

(7) تفسير القرطبي 8/ 377.

(8) تفسير ابن كثير 4/ 226، 227.

(9) قال الترمذي: حديث حسن (تفسير ابن كثير 4/ 227).

(10) انظر تفسير القرطبي 1/ 393.

(11) رواه مسلم.

(12) تفسير القرطبي 1/ 392، 393.

(13) زاد المعاد 2/ 70.

(14) رواه مسلم/ 1134.

(15) زاد المعاد 2/ 69.

(16) أخرجه البيهقي وسنده ضعيف (زاد المعاد 2/ 76 الحاشية).

(17) زاد المعاد 2/ 76.

المصدر

كتاب: “شعاع من المحراب” ، د. سليمان بن حمد العودة (1/243-253).

اقرأ أيضا

عاشوراء بين هدي الإسلام وهدي الجهلاء

شهر الله المحرم .. سنن ومبتدعات

 

التعليقات غير متاحة