الشمال السوري المحرر من قبضة عدو الله بشار النصيري لا يسلم من قصف شبه يومي مدمر من هذا الطاغوت وأسياده من الروس والروافض وعملاء ومليشيات أمريكا والشمال السوري يواجه اليوم كارثة جديدة، وهي مرض السرطان الخطير، ينهش أجساد المسلمين في تلك المنطقة..

صرخة الفرق التطوعية لإنقاذ مرضى السرطان

وحملت لنا الأخبار دعوة الفرق التطوعية العاملة في مدينة الباب جميع الفعاليات والمؤسسات المدنية والطبية إلى وقفة تضامنية للمطالبة بإنشاء مركز معالجة لمرض السرطان في الداخل السوري والسعي في تأمين متبرعين لعلاج المرضى.

وطالبت الفرق التطوعية بإنقاذ من بقي على قيد الحياة من مرضى السرطان بعد فقدان العديد منهم حياتهم بسبب عدم وجود علاج في الداخل السوري وتعذر استقبالهم في المشافي التركية التي تضررت بسبب الزلزال.

مناشدة إنسانية: أنقذوا أطفالنا قبل فوات الأوان

كما طالبت الفرق الائتلاف والحكومة المؤقتة بالوقوف على هذه الكارثة وتحمل مسؤولياتهم، وفي مناشدة إنسانية تقول طفلة سورية وهي توصف حال ۳۱۰۰ طفل في إدلب وحدها مصابين بالسرطان ومحرومين من العلاج نتيجة إغلاق الجانب التركي المعابر والحدود نحو المشافي المختصة بعلاج السرطان في المدن التركية منذ وقوع الزلزال حتى اليوم:

“اعتبروهن أولادكن”.

وفي مناشدة أخرى من الداخل لكل دول العالم:

أنقذوا أطفالنا قبل فوات الأوان.. أكثر من ٣٢٠٠ مريض سرطان في الشمال السوري المحرر يصارعون الموت وبحاجة لعلاج وجرعات مستعجلة، من حقنا أن نعالج مرضانا.

الدفاع المدني يحذر من عواقب استمرار توقف إدخال المساعدات

وفي وصف لشدة الحال في الشمال السوري؛ الدفاع المدني يحذر من عواقب استمرار توقف إدخال المساعدات إلى الشمال السوري، ويحذر من ازدياد أوضاع سكان الشمال سوءاً بعد مضي ١٥ يوما على انتهاء تفويض إدخال المساعدات بسبب “الابتزاز الروسي” للملف الإنساني في سوريا.

ويقول متحدث الدفاع المدني: إن استمرار صبغ الملف الإنساني من قبل روسيا و”نظام الأسد” بصبغة سياسية سينعكس بشكل مباشر على حياة أكثر من ٤,٨ مليون مدني يعيشون في ظروف مأساوية في شمال غربي سوريا.. نجدد التأكيد بأن إيصال المساعدات المنقذة للأرواح لا يحتاج لإذن من مجلس الأمن الدولي.

استجابة الحكومة التركية لمطالب مرضى السرطان

وأخيرا سمحت تركيا بدخول مرضى السرطان بعد طول اعتصام ومناشدات واستغاثات؛ ففي خبر عاجل: معبر باب الهوى يعلن استجابة الحكومة التركية لمطالب مرضى السرطان المعتصمين والسماح لهم بدخول الأراضي التركية لتلقي العلاج اعتبارا من يوم الأربعاء الثامن من محرم عام ١٤٤٥هـ الموافق ٢٠٢٣/٧/٢٦م.

ويعلن الدكتور بشير السماعيل، مدير مكتب التنسيق الطبي في معبر باب الهوى، موافقة الحكومة التركية على دخول مصابي السرطان في الشمال السوري إلى تركيا لتلقي العلاج بدءا من يوم الأربعاء ٢٠٢٣/٧/٢٦م.

وكان تسجيل دخول مرضى السرطان إلى تركيا قد توقف بعد وقوع زلازل ٦ شباط/فبراير في تركيا والشمال السوري، مما أثر على علاج ما يزيد عن 3 آلاف مريض سوري مصابين بالسرطان.

ولا يبعد أن تفشي مرض السرطان في تلك المنطقة إنما هو بفعل فاعل من هؤلاء المجرمين أعداء الإسلام بوضع شيء في الماء أو نثره في الهواء بواسطة الصواريخ الروسية التي لا تكاد تنقطع.

طرد وترحيل المهاجرين غير النظاميين

ومما يزيد مآسي الشمال السوري – إضافة للقصف الوحشي ومنع المساعدات الخارجية والزلزال – ما حملته الأخبار من أن تركيا تطرد مئات الألوف من المهاجرين السوريين إليها وترحلهم قسريا – وقد سبقتها في ذلك لبنان وغيرها – دون رحمة ولا شفقة يفرقون بين الأم وأبنائها والرجل وذويه…

وهذا وزير الداخلية التركي يصرح بأنه لن يتراجع عن طرد وترحيل المهاجرين غير النظاميين – ويعني بذلك السوريين خاصة -، وكأن الأرض أرضه وليست لله عز وجل، وهذا ما لم يفعله كفار أوروبا.. والواجب في مثل هذا الظرف معالجة المسألة بطريقة إنسانية، ومنح المهاجرين غير الشرعيين شرعية الإقامة ريثما تتهيأ بلادهم لذلك – مع تقديرنا استضافة تركيا لـ ٥ مليون مهاجر سوري نظامي -.

علمانيو الأتراك وإشعال حطب العنصرية والفتنة

وعلمانيو الأتراك يبثون – ليل نهار – بثا شيطانيا متصاعدًا ضد المهاجرين، حتى وصل التصعيد إلى الضرب ورش الكيماويات على المهاجرين وتكسير محلاتهم وإيذائهم بالسب وكل ما يتصور من إيذاء.

وفيما سارعت جهات مشبوهة، تركية وعربية في إشعال حطب العنصرية والفتنة، فإن هناك وجها مشرفا؛ إذ قامت وفود من الجاليات العربية بمحاولة حث الحكومة التركية عبر الاجتماع مع مسؤولين أتراك على لجم تلك المشاعر الكريهة. كما واصلت جهات وشخصيات إسلامية جهودها الحثيثة من أجل إيقاف تلك الحملات، وناشدت شخصيات بارزة الرئيس التركي التدخل لتحقيق ذلك.

المؤمنون أمة واحدة من دون الناس

والبون شاسع جدا بين ما كان عليه الصحابة وواقع المسلمين اليوم، قال تعالى: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر:9].

يقول الطبري: (يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ) : يحبون من ترك منزله، وانتقل إليهم من غيرهم، وعني بذلك الأنصار يحبون المهاجرين1(1) [جامع البيان (۲۸۲/۲۳)]..

ويقول السعدي: …لمحبتهم لله ولرسوله أحبوا أحبابه، وأحبوا من نصر دينه2(2) [تفسير السعدي ص (۸5۰)]..

فعندما يؤمن الناس بالإسلام عقيدة وشريعة سيؤمنون بأن الأرض أرض الله والمال مال الله وبأنهم عبيد الله عز وجل وحده وعليهم أن يحبوا ما أحب الله تعالى، وينفقوا في سبيل الله تعالى من مال الله عز وجل الذي أودعه عندهم، ولا يجدون في صدورهم ضيقا ولا حرجا من إخوانهم المهاجرين إليهم.. قال تعالى: (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) [الحديد:7].

بل يعدون ذلك من فضل الله عليهم؛ فبالضعفاء يرزق الله تعالى وينصر؛ عن مصعب بن سعد قال: رأى سعد رضي الله عنه أن له فضلا على من دونه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم»3(3) [رواه البخاري (٢٨٩٦)]..

قال الحافظ في رواية النسائي: «إنما نصر الله هذه الأمة بضعفتهم بدعواتهم وصلاتهم وإخلاصهم»…

قال ابن بطال: تأويل الحديث أن الضعفاء أشد إخلاصا في الدعاء وأكثر خشوعا في العبادة لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا4(4) [فتح الباري (٨٩/٦)]..

وأما الأنظمة العلمانية المرتدة اليوم فلا تقيم وزناً لا لإخلاص المخلصين ولا لصلواتهم ولا لدعائهم ولا لخشوعهم، فالطرد للفقير الضعيف مهما كان تمسكه بدينه وإيمانه، والاستبقاء لكل قوي مهما كان كفره وفسوقه وعصيانه؛ فتجدهم يرحلون المؤمن الصالح والعالم الناصح؛ لأنه بدعواهم أجنبي لم يستوف شروطاً ما أنزل الله بها من سلطان، ويبقى عزيزاً مكرما من بدعواهم مواطن أو مقيم مستوف لشروطهم مهما كان منحرفًا زانيا أو شاريًا للخمر أو فاسقا أو منافقا يطعن في الإسلام.

ضحك الله الليلة من فعالكما

وتأمل ضيافة الضعفاء أضياف الإسلام وأضياف رسول الله صلى الله عليه وسلم على رغم الفاقة والعوز ؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فبعث إلى نسائه فقلن: ما معنا إلا الماء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: «من يضم -أو يصيف- هذا؟» فقال رجل من الأنصار: أنا. فانطلق به إلى امرأته؛ فقال: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلَّم. فقالت: ما عندنا إلا قوت صبياني. فقال: هيئي طعامك وأصبحي سراجك ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء. فهيأت طعامها وأصبحت سراجها ونومت صبيانها ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يُريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين -أي: جائعين-. فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ضحك الله الليلة -أو عجب- من فعالكما». فأنزل الله: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)5(5) [رواه البخاري (۳۷۹۸) ومسلم (2054)]..

الرسول يحث الصحابة على الصدقة والإنفاق

وقد حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن نزل بالمدينة أقوام فقراء؛ كما جاء في حديث جرير رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار، قال: فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار -أو العباء- متقلدي السيوف، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر؛ فتمعر وجه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة؛ فدخل ثم خرج؛ فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ)… إلى آخر الآية: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) والآية التي في الحشر : (اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّه). «تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره». حتى قال: «ولو بشق تمرة». قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت. قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء»6(6) [رواه مسلم (۱۰۱۷)]..

ما هذا الشيء الذي أدخل السرور على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؟!

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: وأما سبب سروره صلى الله عليه وسلم ففرحا بمبادرة المسلمين إلى طاعة الله تعالى وبذل أموالهم لله وامتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدفع حاجة هؤلاء المحتاجين وشفقة المسلمين بعضهم على بعض وتعاونهم على البر والتقوى وينبغي للإنسان إذا رأى شيئًا من هذا القبيل أن يفرح ويظهر سروره ويكون فرحه لما ذكرناه7(7) [شرح مسلم (۱۰۳/۷)]..

والمهاجرون السوريون لا يطلبون -في الغالب- إحساناً من أحد، والكثير منهم أغنياء لكن ظروف الحرب ألجأتهم لتركيا ولبنان ومصر وغيرها.

دعوة الإسلام إلى التكافل بين المسلمين 

وإن تكافل المسلمين مع بعضهم بعضا الذي جاء به الإسلام لهو من أرقى ما وصلت إليه البشرية في تاريخها؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلَّم إذ جاء رجل على راحلة له، قال: فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: «من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له». قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل8(8) [رواه مسلم (2817)]..

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في هذا الحديث الحث على الصدقة، والجود والمواساة، والإحسان إلى الرفقة والأصحاب، والاعتناء بمصالح الأصحاب، وأمر كبير القوم أصحابه بمواساة المحتاج، وأنه يكتفي في حاجة المحتاج بتعرضه للعطاء وتعريضه من غير سؤال، وهذا معنى قوله: فجعل يصرف بصره. أي: متعرضا لشيء يدفع به حاجته، وفيه مواساة ابن السبيل، والصدقة عليه إذا كان محتاجا، وإن كان له راحلة وعليه ثياب أو كان موسرًا في وطنه ولهذا يعطي من الزكاة في هذه الحال والله أعلم9(9) [شرح مسلم (12/33)]..

والعاقل من يتأمل ويعتبر بتبدل أحوال الناس؛ فإن كان التركي اليوم له مال وعز فقد كان بالأمس فقيراً ذليلا مغترباً يبحث عن لقمة العيش، وهذا الزلزال الذي شرد الملايين في دقائق معدودات فيه عبرة للمعتبرين، ولا يعلم ما في غد إلا الله عزّ وجل، فاستودعوا عند الله تعالى إحسانكم للمهاجرين الضعفاء تجدوا غدا إحساناً لكم ولأهليكم وذراريكم.

إن الإسلام لا يعترف بتلك الحدود المصطنعة بين الدول الإسلامية فهي مهما كانت لا يمكن أن تفرق بين المسلمين، فاللحمة واحدة والجسد واحد، والمؤامرات تحاك للإسلام وعموم المسلمين لا لدولة بعينها، وما ألم بأخيك اليوم قد تصاب بمثله غدا.

مسؤولية تركيا والدول الإسلامية

وتركيا اليوم بحكم مجاورتها لسوريا هي المسؤول الأول عن ضرورة إغاثة السوريين، وهذا لا يعفي بقية الدول العربية الإسلامية من إغاثة الشعب السوري المنكوب، ومساعدة الحكومة التركية في ذلك.

إن جزءا من الأزمة عائد إلى اللاجئين المسلمين الذين أخفقوا في عرض قضيتهم إعلاميا عبر إعلام موجه للأتراك، كما أنهم لم يتمكنوا من حيازة عناصر قوة سياسية واقتصادية واجتماعية توفر لهم مجالًا للحوار والتفاوض على حقوقهم وحقوق أشقائهم اللاجئين المضطرين إلى الهجرة من بلادهم، والجزء الآخر يقع على المؤسسات الإسلامية التركية التي لم تتمكن هي الأخرى من تبني قضايا اللاجئين والمظلومين المهاجرين من الدول الإسلامية المختلفة.

حفظ الله تعالى إخواننا المسلمين في الشمال السوري وفي كل مكان.

الهوامش

(1) [جامع البيان (۲۸۲/۲۳)].

(2) [تفسير السعدي ص (۸5۰)].

(3) [رواه البخاري (٢٨٩٦)].

(4) [فتح الباري (٨٩/٦)].

(5) [رواه البخاري (۳۷۹۸) ومسلم (2054)].

(6) [رواه مسلم (۱۰۱۷)].

(7) [شرح مسلم (۱۰۳/۷)].

(8) [رواه مسلم (2817)].

(9) [شرح مسلم (12/33)].

اقرأ أيضا

سنوات من الجرائم في سوريا

عداء المشركين: الأساليب والأدوات

الغدر بمسلمي الإيغور

التعليقات غير متاحة