لقد أيد الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالمعجزات الدالة على نبوته، فالمعجزات الحسية لرسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة وعظيمة، وقد شملت جميع نواحي الحياة.

بعض الخوارق والمعجزات التي ظهرت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كرامة وتأييدا له ولأصحابه ودلائل على نبوته صلى الله عليه وسلم ومن ذلك:

 1- معجزة القرآن الكريم

وهو المعجزة الخالدة الكبرى للنبي صلى الله عليه وسلم؛ قال الله تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82].

وقال تعالى: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) [الإسراء:88].

وقال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [يونس: 38] ولا عجب أن يكون القرآن المعجزة الخالدة للرسول صلى الله عليه وسلم؛ ذلك لأنه كلام الله العليم الحكيم عالم الغيب والشهادة، فهو معجز في لفظه، وفي معناه، وكماله وشموله، وخيره ونوره، ولا يستطيع مخلوق أن يأتي بمثله ولا بسورة واحدة مثله.

وهو معجز كذلك لما فيه من ذكر الغيوب الماضية والمستقبلة، والتي لا يعلمها إلا الله عز وجل؛ فما يدري محمد صلى الله عليه وسلم بقصص الأنبياء مع أقوامهم بالتفصيل الذي ورد في كتاب الله ، كما في قصة نوح وهود وصالح وإبراهيم ويوسف وموسى وعيسى وبقية أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام؟.

وما علم النبي بما يجد للناس في المستقبل وما هو مغيب في اليوم الآخر؟ إنه لا علم له صلى الله عليه وسلم لولا أن الله أوحى إليه هذا القرآن الذي فيه خبر من قبلنا ونبأ من بعدنا، وفيه من المصالح والخير والهدى والنور ما لا يقدر على الإتيان به إلا الله ؛ قال الله تعالى: (تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ۖ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَٰذَا ۖ فَاصْبِرْ ۖ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) [هود:49] وقال تعالى: (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) [الإسراء: 9] الآية.

 2- آية الإسراء والمعراج

قال الله عز وجل: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الإسراء:1].

وقال سبحانه عن عروجه إلى السماء: (أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ * لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ) [النجم:12-18] .

فآية سورة الإسراء فيها ذكر مسراه من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في ليلة واحدة، وآيات سورة النجم فيها ذكر عروجه إلى السماء ورؤيته من آيات الله الكبرى.

وقد جاء عند الإمام مسلم وغيره ذکر خبر الإسراء والمعراج بطوله؛ حيث قال رحمه الله تعالى: حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتيت بالبراق – وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه – قال: فركبته حتى أتيت بيت المقدس. قال: فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء. قال: ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين. ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن، فاخترت اللبن. فقال جبريل عليه السلام: اخترت الفطرة.

ثم عرج بنا إلى السماء فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال: جبريل . قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. فتح لنا، فإذا أنا بآدم، فرحب بي ودعا لي بخير.

ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل عليه السلام. فقيل: من أنت؟ قال: جبريل . قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة عيسى بن مريم، ويحيى بن زکریا صلوات الله عليهما. فرحبا ودعوا لي بخير.

ثم عرج بي إلى السماء الثالثة فاستفتح جبریل. فقيل: من أنت؟ قال: جبريل . قيل: ومن معك؟ قال: محمد . قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بيوسف : إذا هو قد أعطي شطر الحسن، فرحب بي ودعا لي بخير. ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة. فاستفتح جبريل عليه السلام. قيل: من هذا؟ قال: جبريل . قيل : ومن معك؟ قال: محمد. قال: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بإدریس. فرحب ودعا لي بخير ؛ قال الله عز وجل: (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا) [مريم:57]. ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة. فاستفتح جبریل. قيل: من هذا؟ قال: جبريل . قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بهارون . فرحب ودعا لي بخير.

ثم عرج بنا إلى السماء السادسة. فاستفتح جبريل . قيل: من هذا؟ قال: جبریل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بموسى . فرحب ودعا لي بخير.

ثم عرج بي إلى السماء السابعة فاستفتح جبریل. فقيل: من هذا. قال: جبريل . قيل: ومن معك؟ قال: محمد . قيل : وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم ، مسندا ظهره إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه.

ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى، وإذا ورقها كآذان الفيلة، وإذا ثمرها كالقلال. قال: فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت. فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها.

فأوحى الله إلي ما أوحى، ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى فقال: ما فرض ربك على أمتك؟ قلت: خمسين صلاة.

قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف؛ فإن أمتك لا يطيقون ذلك، فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم.

قال: فرجعت إلى ربي فقلت: یا رب! خفف على أمتي. فحط عني خمسا. فرجعت إلى موسى فقلت: حط عني خمسا. قال: إن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف.

قال: فلم أزل أرجع بین ربي تبارك وتعالى وبين موسى حتى قال: يا محمد، إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة؛ لكل صلاة عشر فذلك خمسون صلاة، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشرا، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا؛ فإن عملها كتبت سيئة واحدة. قال: فنزلت حتى انتهيت إلى موسى، فأخبرته . فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف. فقال رسول الله : فقلت: قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه»1(1) صحیح مسلم، کتاب الإيمان، باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث (162)..

3- آية انشقاق القمر

قال الله عز وجل: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ ) [القمر:1، 2].

روى البخاري في صحيحه عن ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين: فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشهدوا»2(2) البخاري (4864)..

وروى أيضا عن أنس رضي الله عنه قال: «سأل أهل مكة أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر»3(3) البخاري (4867)..

 4- آية تأييد الله عز وجل لرسوله والمجاهدين معه بالملائكة والرياح

قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) [الأحزاب:9]، وهذا في غزوة الأحزاب.

وقال تعالى في غزوة بدر: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ )[الأنفال:9]، وقال بعد ذلك: (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) [الأنفال:12].

وقال الله في غزوة حنين: (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ) [التوبة:26-25].

وعن معاذ بن رفاعة بن رافع الزرفي عن أبيه – وكان أبوه من أهل بدر – قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال: «من أفضل المسلمين» – أو كلمة نحوها- قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة4(4) البخاري (3992)..

وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر: «هذا جبريل آخذ فرسه عليه أداة الحرب»5(5) البخاري (3995)..

وعن عائشة قالت: لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الخندق ووضع السلاح واغتسل أتاه جبريل عليه السلام فقال: قد وضعت السلاح! والله ما وضعناه فاخرج إليهم. قال: «فإلى أين؟» قال: هاهنا، وأشار إلى قريظة، فخرج النبي إليهم6 (6) البخاري (4117)..

وروى الطبري بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا يوم الخندق: یا رسول الله، بلغت القلوب الحناجر، فهل من شيء نقوله؟ قال: «نعم، قولوا: اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا»، فضرب الله وجوه أعدائه بالريح، فهزمهم الله بالريح7(7) تفسير الطبري (21/ 127)، وأورده الألباني في الصحيحة بدون (قالوا) (۲۰۱۸)..

5- خروجه مهاجرا إلى المدينة، وتعمية أمره عن المشركين ومعية الله للرسول وصاحبه أبي بكر

قال الله تعالى: (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة 40] وعن أنس قال: حدثني أبو بكر رضي الله عنه قال: كنت مع النبي في الغار فرأيت المشركين. قلت: يا رسول الله، لو أن أحدهم رفع قدمه رآنا. قال: «ما ظنك باثنين الله ثالثهما»8(8) البخاري (4663)..

6- إلقاء الرعب في قلوب الكافرين

قال الله عن بني النضير: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) [الحشر:2].

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة»9 (9) البخاري (335)..

وهناك معجزات وخوارق كثيرة أجراها الله على يدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم غير ما ذكر في القرآن الكريم ثبتت صحتها في كتب السنة أذكر منها:

1- إخباره بالمغيبات

فعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: بينما أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل. فقال: «يا عدي، هل رأيت الحيرة؟» قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها، قال: «إن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحدا إلا الله تعالى». قلت: فيما بيني وبين نفسي: فأين دعار طيء الذين سعروا البلاد؟ «ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز کسرى» قلت: کسری بن هرمز؟ قال: «کسری بن هرمز. ولئن طالت بك حياة لتريين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه، فلا يجد أحدا يقبله منه، وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه وليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم له، فيقولن: ألم أبعث إليك رسولا فيبلغك؟ فيقول: بلى يا رب، فيقول: ألم أعطك مالا، وأفضل عليك؟ فيقول: بلى. فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم، وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم»، قال عدي: فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد شق تمرة فبكلمة طيبة» قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله، وكنت فيمن افتتح کنوز کسری بن هرمز، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: «يخرج ملء كفه…»10(10) البخاري في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (3595)..

2- تكليم الجمادات وانقيادها له بإذن الله تعالى

فعن عبد الله بن عمر قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذع فلما اتخذ المنبر تحول إليه، فحن الجذع، فأتاه فمسح عليه -وفي رواية – فنزل فاحتضنه وساره بشيء»11(11) البخاري في المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (3583)..

وعن جابر بن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن بمكة حجرا يسلم علي ليالي بعثت وإني لأعرفه الآن»12 (12) مسلم (227)..

3- زيادة الطعام والشراب ببركة دعائه

فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: عطش الناس يوم الحديبية، ورسول الله بين يديه ركوة، فتوضأ منها، ثم أقبل الناس نحوه – وفي رواية: جهش الناس نحوه- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما لكم؟» قالوا: يا رسول الله، ليس عندنا ما نتوضأ به ولا نشرب، إلا ما في ركوتك، قال: فوضع النبي صلى الله عليه وسلم: يده في الركوة، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون. قال: فشربنا وتوضأنا. قال: فقلت لجابر: کم کنتم يومئذ؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمسة عشرة مائة13(13) البخاري في المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (3576)..

وعن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه قال: أتيت جابرا فقال: إنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كدية شديدة، فجاءوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال: أنا نازل، ثم قام وبطنه معصوب -ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا- فأخذ النبي المعول، فعاد كثيبا أهيل – أو أهيم – فقلت: يا رسول الله، ائذن لي إلى البيت، فقلت لامرأتي: إني رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم شيئا، ما في ذلك صبر، فعندك شيء؟ قالت: عندي شعير وعناق، فذبحت العناق، وطحنت الشعير، حتى جعلنا اللحم في البرمة، ثم جثث النبي صلى الله عليه وسلم والعجين قد انكسر، والبرمة بين الأثافي، قد كادت أن تنضج، فقلت: طعيم لي، فقم أنت یا رسول الله ورجل أو رجلان، قال: «كم هو؟» فذكرت له، قال: «كثير طيب، قل لها: لا تنزع البرمة، ولا الخبز من التنور حتى آتي»، فقال: «قوموا»، فقام المهاجرون والأنصار، فلما دخل على امرأته قال: ويحك، جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصار ومن معهم، قالت: هل سألك؟ قلت: نعم، فقال: «ادخلوا، ولا تضاغطوا»، فجعل يكسر الخبز، ويجعل عليه اللحم، ويمر البرمة والتنور إذا أخذ منه، ويقرب إلى أصحابه، ثم ينزع، فلم يزل يغير ويغرف حتى شبعوا، وبقي منه (بقية)، فقال: كلي هذا وأهدي؛ فإن الناس أصابتهم مجاعة14(14) البخاري في المغازي، باب: غزوة الخندق (4101)..

4 – في إجابة دعائه عليه الصلاة والسلام

عن أنس بن مالك قال: كان رجل نصراني أسلم، فقرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم، فعاد نصرانيا، فكان يقول: ما يدري محمد إلا ما كتبت له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اجعله آية»، فأماته الله، فدفنوه، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه، لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا، فألقوه، فحفروا له وأعمقوا ما استطاعوا، فأصبحوا وقد لفظته الأرض، فقالوا مثل الأول، فحفروا له وأعمقوا، فلفظته الثالثة، فعلموا أنه ليس من الناس، فألقوه بين حجرين، ورضموا عليه الحجارة15(15) البخاري في المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (3617)..

وعن أنس بن مالك قال: أصابت الناس سنة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبينما النبي يخطب يوم الجمعة قام أعرابي فقال: يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع يديه وما نرى في السماء قزعة، فوالذي نفسي بيده، ما وضعهما حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته، فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد، ومن بعد الغد، والذي يليه، حتى الجمعة الأخرى، فقام ذلك الأعرابي – أو قال: غيره – فقال: يا رسول الله، تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع يديه فقال: «اللهم حوالينا ولا علينا». فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت، وصارت المدينة مثل الجوبة، وسال وادي قناة شهرا، ولم يأت أحد من ناحية إلا حدث بالجود16(16) البخاري في الاستسقاء، باب: الاستسقاء في المسجد الجامع (933)، وفي المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (3582)..

5- في كف الأعداء عنه صلى الله عليه وسلم

عن أبي هريرة قال: «قال أبو جهل: يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قيل: نعم. قال: واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته أو لأعفرن وجهه في التراب. قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته قال: فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه. فقيل له: ما لك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا»، فأنزل الله –لا ندري أفي حديث أبي هريرة أو شيء بلغه- (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ) إلى قوله: (كَلَّا لَا تُطِعْهُ) [العلق:1-19]»17(17) رواه مسلم (2797)..

الهوامش

(1) صحیح مسلم، کتاب الإيمان، باب: الإسراء برسول الله ، الحديث (162).

(2) البخاري (4864).

(3) البخاري (4867).

(4) البخاري (3992).

(5) البخاري (3995).

(6) البخاري (4117).

(7) تفسير الطبري (21/ 127)، وأورده الألباني في الصحيحة بدون (قالوا) (۲۰۱۸).

(8) البخاري (4663).

(9) البخاري (335).

(10) البخاري في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (3595).

(11) البخاري في المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (3583).

(12) مسلم (227).

(13) البخاري في المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (3576).

(14) البخاري في المغازي، باب: غزوة الخندق (4101).

(15) البخاري في المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (3617).

(16) البخاري في الاستسقاء، باب: الاستسقاء في المسجد الجامع (933)، وفي المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (3582).

(17) رواه مسلم (2797).

اقرأ أيضا

التفكر في بعض آيات الله الخارقة

التفكر في آيات الله الخارقة مع داود وسليمان

التفكر في آيات الله الخارقة مع كليم الله موسى

 

التعليقات غير متاحة