هذه الحالة المستمرة والممتدة والمتصاعدة من الإساءة والوقاحة والعدوان تجاه الإسلام يتحمل وزرها الأنظمة الحاكمة التي تحكم بلدان المسلمين، ذلك أنها أوَّل من شنَّ الحرب على الإسلام وأحكامه حين عطَّلوا شرع الله وسنة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم، ورضوا بأن يكونوا عملاء ومطايا للغرب الكافر المستعمر، وكبَّلوا الأمة وجعلوا بأسها بينها وبأسهم وشدتهم على أمتهم، بينما جبنوا أمام أعداء الأمة والدين.

تصاعد الهجمات الهمجية في الهند ضد المسلمين

“جاي شري رام” صيحة تطلقها العصابات الهندوسية التي تمارس القتل ضد المسلمين في شتى أرجاء شبه القارة الهندية، وتعني “المجد للرب رام”، وقد ازدادت هذه العمليات منذ عام ٢٠١٤م وبعد تولي الحاقد: ناريندرا دامو دارداس مودي رئاسة وزراء الهند، وقد قتل منذ ذلك الحين أعداد ضخمة من المسلمين في هجمات الهندوس الغوغاء بدافع الكراهية، ويظل المهاجمون أحرارا بحماية مودي الحاقد مهما كانت أدلة إدانتهم واضحة…

ولم تنحصر تلك الهجمات الهمجية في الهند وحدها؛ بل وصل إلى ليستر -وهي منطقة في بريطانيا ذات أغلبية مسلمة- فقد هاجم المئات من الهندوس -معظمهم مقنعون وملثمون- المارة من المسلمين شرقي ليستر، وبينما كانوا يجولون في طرقاتها راحوا يهتفون بصوت مرتفع: “جاي شري رام”، ولم يوقفهم إلا تدخل الشرطة.

وهذا الشعار: “جاي شري رام” هو الذي هتفت به عصابات الرعاع الذين هدموا مسجد بابري لبنة -أمام أنظار العالم-، والذي يقع في مدينة أبوديا في أثر برديش الهندية، ويعود بناؤه إلى القرن العاشر الهجري.

واستمرارا للمنهج الهندوسي المتطرف في الإساءة للمسلمين؛ قامت عصابات هندوسية بالإساءة إلى نبي الله -صلى الله عليه وسلم- أثناء مسيرة في ولاية راجستان الهندية؛ رفعوا خلالها شعارات تحرض على قتل المسلمين وطردهم من بلادهم!!! – المسلمون يشكلون ۳۰۰ مليون من الشعب الهندي-.

واقتحمت مسيرات هندوسية كبيرة أحياء المسلمين ودمرت متاجرهم الخاصة، وقاموا بلصق إعلانات تدعو لمقاطعة تجار المسلمين وفرض حصار اقتصادي على المسلمين ودعا زعيم هندوسي متطرف في منطقة أوتاركاشي بولاية أوتارانتشال الهندية إلى عدم تأجير متاجر أو منازل للمسلمين.

وفي ولاية ماهاراشترا الهندية قال الزعيم الهندوسي “سوريش شافانك” في خطاب له أمام حشد كبير من الهندوس الذين يرتدون الزعفران: إنه يريد ممارسة الجنس مع النساء المسلمات، كما حث الهندوس على الزواج من المسلمات.

وفي الولاية نفسها اعتدت جموع من الهندوس والشرطة على متظاهرين مسلمين احتجوا على الإساءة التي انتشرت في وسائل التواصل من قبل شخصيات معروفة هندوسية للحاكم تيبو سلطان أو سلطان على خان حاکم ميسورو في القرن الثامن عشر، والذي كان إلى وقت قريب يُعد أحد الرموز الهندية المناضلة ضد الاحتلال البريطاني قبل أن تسعى الآلة الإعلامية الهندوسية التابعة ل RRS – وهي منظمة سرية فاشية تحكم الهند حاليا، وتديرها من خلال أذرعها المختلفة، منها حزب بهاراتيا جاناتا، وتؤمن بتحويل الهند إلى أمة هندوسية- وحزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي المتطرف الحاكم إلى محو ذكراه، بل دمغه بتهمة اضطهاد الهندوس؛ بغية الإساءة إلى الحكم الإسلامي كله للهند، الذي اتصف في معظمه بالعدالة بين أصحاب الملل المختلفة فيها.

وقد رفضت محكمة مدينة الله أباد العليا أدلة المسلمين بشأن مسجد “جيانفابي” لكنها قبلت طلب الهندوس لأداء الشعائر الهندوسية داخل المسجد.

الهندوسية أو الهندوكية ديانة وثنية تقدس الأصنام والبقر

الهندوسية أو الهندوكية وتُسَمَّى أيضًا: البراهمية نسبة للإله الخالق في عقيدتهم: براهما؛ ديانة وثنية تقدس الأصنام والبقر، وهي من أسفه ما انحرفت به البشرية عن عبادة ربها عز وجل.

يقول محمد فريد وجدي عن البرهمية:

للبراهمة صنم اسمه برهما له أربعة أوجه وأربعة أيد، في يده الأولى كتابهم المقدس (الفيدا)، وفي يده الثانية ملعقة، وفي يده الثالثة سبحة، وفي يده الرابعة إناء فيه ماء….

والبراهمة يقدسون البقر ويحرمون ذبحها معتقدين أن الأرواح الطاهرة تحل أجسادها، وكثيرا ما نشأ من هذه العقيدة معارك بينهم وبين مسلمي الهند في عيد الأضحى.

وهم يقدسون الثعابين والتماسيح وغيرها، ويعتبرون نهر الغانج مقدسا، وأن الانغماس فيه يطهر الذنوب، ولذا يحج إليه في كل عام ملايين منهم1(1) دائرة معارف القرن العشرين – محمد فريد وجدي..

التجرأ على اقتحام المساجد

ويدعي الهندوس أن المسلمين -منذ قرون- بنوا مساجدهم على أنقاض معابدهم، ولذلك يقتحمون المساجد القديمة، مثل مسجد باربري الذي هدمومه قبل نحو ۳۰ عاما، وقد عرض المسلمون أمر هذا المسجد على القضاء الهندي المتحكم فيه الهندوسي الحاقد: مودي رئيس الوزراء، وكان آخر ما حكموا به قبل نحو أربعة أعوام أن تعطى أرضية المسجد للهندوس ليبنوا عليه معبدا. ومثل هذه الادعاءات مألوفة من أصحاب الملل السابقة التي انتشر الإسلام بدلًا منها؛ كادعاءات

النصارى في مصر والشام وغيرها، وادعاءات اليهود في المسجد الأقصى والخليل وعموم فلسطين.

التنسيق اليهودي الهندوسي لسحق المسلمين

والأيدي اليهودية في عامة اضطهادات الكفار للمسلمين حاضرة، والتنسيق اليهودي الهندوسي قديم، وقد نقلت الأخبار هذه الأيام ما يلي:

إحلال ١٠ آلاف عامل هندي محل الفلسطينيين في ما يسمى أراضي فلسطين ٤٨..

فيخطط الكيان اليهودي لاستيراد قوة عاملة ضخمة من الهند لشغل وظائف المسلمين في قطاعي البناء والتمريض وتركهم بلا عمل دفعا لهم للهجرة، ووصل بالفعل الآلاف من هؤلاء الهندوس حتى الآن إلى فلسطين المحتلة ليبدأوا في الاستغناء عن ١٠٠ ألف فلسطيني تدريجيا يعملون في فلسطين المحتلة.

وهذا يظهر التعاون اليهودي الهندوسي على سحق المسلمين بشتى الوسائل والمجالات، ومن ذلك المجال الاقتصادي كالاستثمارات الهائلة للهند في ميناء حيفا المحتل.

كما حملت لنا الأخبار ما يفيد التواطؤ الأمريكي العالمي لسحق المسلمين في الهند وغيرها، فها هو موقع يوتيوب الأمريكي العالمي الشهير يوقف مشاهدة برنامج وثائقي في فضائية الجزيرة عن التطرف الهندوسي، وهو برنامج “المسافة صفر”، والذي خصصت آخر حلقاته للعنف الهندوسي بعنوان: “الهند.. من أشعل الفتيل؟ لعرض عمليات القمع والاضطهاد التي تقوم بها المنظمات الهندوسية المتطرفة بحق مسلمي الهند في ولايتين على الأقل.

الواجب على عموم المسلمين نصرة لإخوانهم

وننبه إلى أنه لا يجوز بحال معاونة الهندوس وغيرهم من الكفار على المسلمين بأي وسيلة -ولو كانت بمجرد إعادة نشر ضلالاتهم وادعاءاتهم ضد المسلمين دون تعليق-؛ قال الله تعالى: (لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) [آل عمران:28].

وقال عز وجل: (تَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَٰكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ) [المائدة:80-81]. والآيات في ذلك كثيرة.

الإيمان بالله يوجب موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين

يقول السعدي: (تَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالمحبة والموالاة والنصرة. (لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ) هذه البضاعة الكاسدة، والصفقة الخاسرة، وهي سخط الله الذي يسخط لسخطه كل شيء، والخلود الدائم في العذاب العظيم، فقد ظلمتهم أنفسهم حيث قدمت لهم هذا النزل غير الكريم، وقد ظلموا أنفسهم إذ فوتوها النعيم المقيم.

(وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ) فإن الإيمان بالله وبالنبي وما أنزل إليه، يوجب على العبد موالاة ربه، وموالاة أوليائه، ومعاداة من كفر به وعاداه، وأوضع في معاصيه، فشرط ولاية الله والإيمان به أن لا يتخذ أعداء الله أولياء ..2(2) [تيسير الكريم المنان ص(٢٦٠)]..

ويقول ابن حزم في كلامه عن وجوب الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام-:

وكذلك: من سكن بأرض… من المسلمين، فإن كان لا يقدر على الخروج من هنالك لثقل ظهر، أو لقلة مال، أو لضعف جسم، أو لامتناع طريق؛ فهو معذور.

فإن كان هناك محارباً للمسلمين معينًا للكفار بخدمة، أو كتابة؛ فهو كافر. وإن كان إنما يقيم هنالك لدنيا يصيبها، وهو كالذمي لهم، وهو قادر على اللحاق بجمهرة المسلمين وأرضهم؛ فما يبعد عن الكفر، وما نرى له عذرا، ونسأل الله العافية3(3) [المحلى (١٢٦/١٢)]..

لا تكن عونا للظالم

فعلى كل مسلم أن يدقق في أفعاله فلا يقدم على فعل شيء يحتمل أن يكون عوناً لظالم على مسلم، فإن من يعين ظالما يعرض نفسه لنفس عقوبة الظالم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: «يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم» قالت: قلت: يا رسول الله كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: «يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم»4(4) [رواه البخاري (٢١١٨) ومسلم (٢٨٨٤)]..

قال الحافظ: أن للنية تأثيراً في العمل؛ لاقتضاء الخبر أن في الجيش المذكور: المكره، والمختار. فإنهم إذا بعثوا على نياتهم وقعت المؤاخذة على المختار دون المكره5(5) [فتح الباري (١١٥/٤)]..

خذل الله تعالى الهندوس، وأعز المسلمين أينما كانوا.

الهوامش

(1) دائرة معارف القرن العشرين – محمد فريد وجدي.

(2) [تيسير الكريم المنان ص(٢٦٠)].

(3) [المحلى (١٢٦/١٢)].

(4) [رواه البخاري (٢١١٨) ومسلم (٢٨٨٤)].

(5) [فتح الباري (١١٥/٤)].

اقرأ أيضا

مواقف الهندوسية من جملة من العقائد

الصارم الـمُنْكِي على الناطق الهندي

حدود الولاء المكفر .. حفظا للأمة ومنعا للغلو

التعليقات غير متاحة