لماذا يتعرض الإسلام في هذه الأيام لهجمات مسعورة؟! ولماذا تزداد هذه الهجمات شراسة كلما ظهرت صحوة إسلامية في بلد ما؟! لماذا يتفق أصحاب الشعارات والمبادئ المتناقضة على عدائهم للإسلام وأهله؟! لماذا تثار الشبهات حول الإسلام ومبادئه ومناهجه وعقائده وأحكامه؟! لماذا تثار الحملات الشعواء التي تشنها صحافة الغرب والشرق على الإسلام وأهله؟! لماذا تغزى بلاد الإسلام بوسائل الشهوات والمخدرات، ووسائل الخلاعة والمجون المحطمة لقوى الشباب والمستنزفة لطاقاتهم وأفكارهم وعقولهم؟!
الخوف الرهيب والرعب الشديد من الإسلام
الإجابة واحدة: إنهم يخافون الإسلام إنهم يخافون من رجعة قوية للإسلام والمسلمين إنهم يخافون من وحدة المسلمين، لقد درس أعداؤنا من الكافرين وأذنابهم الإسلام وعقيدته، فعرفوا أنه يربي الرجال والنساء على تقديم كل غالٍ ونفيسٍ في سبيل الله، حتى ولو كان المقدم هو الروح فهي رخيصة من أجل الإسلام وفي ذات الله، علموا هذه الحقيقة، رأوها واقعاً في ساحات الجهاد، فلذلك خافوا وهلعوا وأصابهم الرعب الشديد من الإسلام.
ولتعلم حقيقة هذا الرعب وهذا الفزع الشديد الذي أصابهم اسمع لبعض أقوالهم:
فالحق ما شهدت به الأعداء، كما يقال وإني أسوق إليك نزراً يسيراً قليلاً مما قالوه عن الإسلام، والصور والمقالات التي تترجم عن خوفهم ورعبهم الشديد من هذا الدين:
– هذا قولٌ لـ مور بيجر في كتابه العالم العربي المعاصر، يقول: (إنّ الخوف من العرب واهتمامنا بالأمة العربية، ليس ناتجاً عن وجود البترول بغزارة عند العرب، بل لسبب الإسلام يجب محاربة الإسلام بالحيلولة دون وحدة العرب التي تؤدي إلى قوتهم؛ لأن قوة العرب تتصاحب دائماً مع قوة الإسلام وعزته وانتشاره) .
ونحن نسمع مثل هذه المقالة نقول: أين شبابنا ليعلموا أن تمزيق وحدة الصف المسلم، وبث الفرقة والنزاع، وتقسيم المسلمين إلى جماعات وأحزاب إنما هو هدف خَلَّفه من خَلَّفه، ألا فليتق الله ذلك المسلم الذي قد يكون وسيلة لتنفيذ مخططات الأعداء وهو لا يشعر، باسم الغيرة على الدين، وتأصيل العقيدة، فافهم العقيدة جيداً، وطبقها على الواقع كما يريد الله عز وجل ذلك فإنها صالحة لكل زمان ومكان، وإياك إياك أن تكون وسيلة بأيدي أعداء الدين لبث الفرقة والنزاع، وتمزيق صف وحدة المسلمين.
– وها هو فيليب ونداسي يصرح في كتابه المسمى (الاستعمار الفرنسي في أفريقيا السوداء) يقول: (إن من الضروري لـ فرنسا أن تقاوم الإسلام في هذا العالم، وأن تنتهج سياسةً عدائيةً للإسلام، وأن تحاول على الأقل إيقاف انتشاره) .
– ويقول المستشرق الفرنسي كيمون في كتابه (باثلوجيا الإسلام) يقول: (وأعتقد أن من الواجب إبادة خُمس المسلمين والحكم على الباقين بالأشغال الشاقة، وتدمير الكعبة، ووضع محمد وجثته في متحف اللوفر) .
– ويقول المرمرشادور: (إن هذا المسلم الذي نام نوماً عميقاً مئات السنين، قد استيقظ وأخذ ينادي: هأنذا لم أمت، إنني أعود إلى الحياة لا لأكون أداة طيّعة أو ثقلاً من البشر تسيره العواصم الكبرى، ويقول -أيضاً معقباً هو نفسه-: ومن يدري ربما يعود اليوم الذي تصبح فيه بلاد الإفرنج مهددة بالمسلمين، فيهبطون من السماء لغزو العالم مرة ثانية في الوقت المناسب، ثم يقول: لست أدعي النبوءة ولكن الأمارات الدالة على هذه الاحتمالات كثيرة، لا تقوى الذرة ولا الصواريخ على وقف تيارها) انتهى كلامه هنا.
وما تخفي صدورهم أكبر
ثم تعال واسمع إلى تلك الرسالة السريّة التي أرسلها رئيس الوزراء البريطاني جون ميجر حين أرسلها إلى الوزير البريطاني للشؤون الخارجية يخبره بأنهم لن يوافقوا أبداً على تزويد مسلمي البوسنة والهرسك بالسلاح أو تدريبهم عليه مهما كانت الظروف.
وهذه الرسالة نشرتها مجلة الرابطة عدد محرم وصفر وربيع الأول من عام (1414هـ) من السنة الماضية، والرسالة نشرتها المجلة باللغتين العربية والإنجليزية.
– وإليك مقاطع من هذه الرسالة، يقول في بداية الرسالة: مكتب رئيس وزراء، ثم يقول: السيد دوجلاس هوك مكتب الشئون الخارجية والمملكة المتحدة لندن، وتاريخ الرسالة (11/ 11/ 1413هـ) يقول: السيد دوجلاس المحترم: (أشكرك على التقرير المفصل حول الأوضاع الماضية والحالية في جمهورية البوسنة والهرسك التي كانت جزءاً من يوغسلافيا السابقة، ثم يقول: كما تعرف جيداً من خلال الأحاديث السابقة في المكتب والمناسبات الأخرى فإن حكومة جلالة الملكة لم تغير موقفها تجاه حل القضايا السياسية التالية:
1- لا نوافق كما أننا لن نوافق في المستقبل على تزويد مسلمي البوسنة والهرسك بالسلاح أو تدريبهم على استخدامه، إننا سنواصل دعمنا الحازم لإبقاء حظر بيع السلاح المفروض من قبل الأمم المتحدة على دول هذه المنطقة رغم معلوماتنا الموثقة الواردة عن دعم دول اليونان وروسيا وبلغاريا للجيش الصربي وقيامها بتدريبه، والمعلومات أيضاً عن قيام ألمانيا والنمسا واستوفينيا وحتى الفاتيكان بالدور المماثل لدعم كرواتيا والقوات الكرواتيه في البوسنة والهرسك، ومن المهم جداً أننا نعلم يقيناً أن جميع الجهود المماثلة المبذولة من قبل الدول والمنظمات الإسلامية لدعم المسلمين قد باءت بالفشل التام، ثم يقول: إنه يتعين علينا اتباع هذه السياسة حتى لحظة الوصول إلى الهدف النهائي -وما هو الهدف؟ – وهو تقسيم جمهورية البوسنة والهرسك ومنع قيام دولة إسلامية في أوروبا، وهو الأمر الذي لا يمكن أن نسمح به أبداً، وإنه من غير المسموح أن نرتكب مرة أخرى في البوسنة والهرسك أو في أي مكان في العالم الخطأ الذي ارتكبناه بتسليح، وتدريب المقاتلين الأفغانيين أثناء قتالهم مع الاتحاد السوفيتي.
الرغبة في القضاء على دولة البوسنة والهرسك وتهجير المسلمين منها
وأترك كثيراً من كلامه في الرسالة إلى أن يقول:
2- من نقاط الرسالة: يجب أن نؤكد ضرورة إخفاء حقيقة التحركات السياسية الغربية وبأي ثمن عن كل الدول التي يمكن أن نسميها بالإسلامية، وبالذات عن تركيا فيما يتعلق في هذه المنطقة إلى أن تهدأ الأمور في يوغسلافيا السابقة، ومن أجل هذا السبب نفسه يتعين علينا الاستمرار بالخدعة التي سميناها (بوانس أوين) لإحلال السلام بهدف عرقلة كل التحركات إلى أن نقضي على دولة البوسنة والهرسك، ويتم تهجير المسلمين منها إلى مختلف دول العالم، ثم يقول: قد يظهر للبعض أن هذه السياسة قاسية، إلا أنه من واجبي أن أطالب بها كل العاملين في مكتب الخارجية لشئون المجموعة الأوروبية، الذين لهم صلة مباشرة، بصنع القرارت السياسية والعاملين في الأجهزة العسكرية، ولكني متأكد أن هذه السياسة في حقيقة الأمر السياسة الوحيدة الناجحة من أجل المصلحة العليا، وهي مستقبل الأمن الأوربي) … إلى آخر كلامه في رسالته.
– ويقول الجنرال الإسرائيلي إيتان بن إلياهو: “الاطلاع على قصة هزيمة عمر بن الخطاب للإمبراطورية الرومانية والفارسية في وقت قياسي وفي إمكانيات ذلك الزمان تدل على أن العرب بإمكانهم أن يفاجئونا”.
واقع الحضارات المادية الغربية الآيلة للانهيار
ومن هذا انهيار الشيوعية، فإن انهيار المذهب الشيوعي في ذاته لابد أن يوضع من المبشرات، فقد كانت الشيوعية فتنة لكثير من الشباب في العالم العربي، ومن كان يصدق أن تنهار الامبراطورية الروسية ثم ها هي تلتمس الأعطيات والمساعدات من بقية الدول الأخرى، فأين من يعقل ويتدبر؟ روسيا القوة الثانية في العالم التي كانت تنافس الرأسمالية أصبحت اليوم تتلمس المساعدات والأعطيات؟! وأما الرأسمالية التي تمثلها اليوم أمريكا، فإن واقع المجتمع الأمريكي في كل مجالاته الدينية والسياسية والثقافية والاقتصادية والإعلامية والتعليمية والاجتماعية وغيرها، واقع مفزع مخيف بالنسبة لهم.
ليس أنا من يقول هذا الكلام، ولكي أختصر عليك الوقت، وأوثق المعلومات لك فإني أطالبك بالرجوع إلى كتاب بعنوان (يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة) ارجع لهذا الكتاب واقرأ فيه، وانظر الأرقام والإحصاءات فيه، وهذا الكتاب تأليف جيمس بتروسون وبيتر كيم، وترجمه باللغة العربية الدكتور/ محمد بن سعود البشر، صدر الكتاب بالإنجليزية عام (1991م) يقع في (270 صفحة) من القطع المتوسط.
وهذا الكتاب هو دراسة قامت على إحصاءات واستبانة وأرقام من واقع المجتمع الأمريكي، ونتائج هذا الكتاب نتائج مفزعة مخيفة بالنسبة للأمريكيين، واسمعوا ماذا يقول الأمريكيون أنفسهم عن هذا الكتاب؟
يقول إلكس هيلي مؤلف كتاب (الجذور) عن هذا الكتاب كتاب (يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة) يقول: كتاب مفزع عندما أنهيت قراءته لم أعرف ماذا أفعل؟! هل أصدع بالحقائق -أي: التي فيه- أم أركض للتلال وأختبئ؟! إنه يعرض لنا حقائق عن أنفسنا لم أشاهدها في أي دراسة، أو في أي استطلاعات للرأي، ولا حتى في الأحاديث الشخصية.
تقول صحيفة نيويورك ديني نيوز عن الكتاب كلمة واحدة قالت عن الكتاب: نتائج مفزعة.
وأيضاً يقول سيبني جيمز نائب الرئيس التنفيذي لشركة كولومبيا للإنتاج السينمائي يقول: كتاب باترسون وكيم -أي المؤلفان-: قد يكون نقطة الالتقاء حتى تجنب الولايات المتحدة نفسها من كارثة محققة الحقائق المفزعة التي يقدمانها في هذا الكتاب تلح على هذا الأمر الآن، وإلا فلا جدوى.
هذا ما قالوه عن هذا الكتاب الذي يُعلن عن التصدع الكبير في بنية مجتمعهم، وانظر إن شئت كتاباً آخر بعنوان (السقوط من الداخل ترجمات ودراسات في المجتمع الأمريكي) للدكتور/ محمد بن سعود البشر -أيضاً- وهو عبارة عن مناقشات للقضايا والمشكلات الراهنة التي يعاني منها المجتمع الأمريكي في جميع النواحي.
أقول: إن الحضارة المادية الغربية تتهالك اليوم وتسقط، سقطت الشيوعية والنذر قادمة لسقوط الرأسمالية.
العالم اليوم بجميع أحواله يشكو من إفلاس الأنظمة البشرية، ويتجرع ويلات ومرارة هذه النظم التي دمرت حياتهم، فما أكثر الانتحارات، وما أكثر اللجوء للخمر، والضياع، والفساد، والشهوات في تلك المجتمعات، وقضت هذه النذر على كل جوانب الخير في ذلك الإنسان، وها هو ذلك الإنسان يتطلع اليوم إلى المنقذ الذي يخلصه من ذلك، وليس المنقذ أبداً إلا الإسلام، فهو الذي يتوافق مع الفطرة، ويحقق للناس مصالحهم في الدنيا والآخرة، ويكفي الأنظمة البشرية قصوراً وفشلاً أنها من صنع البشر، وأن دين الإسلام من صنع خالق البشر سبحانه وتعالى.
المصدر
المكتبة الشاملة محاضرة بعنوان: “بشائر ومبشرات” للشيخ إبراهيم الدويش بتصرف يسير.
اقرأ أيضا
المواقف المختلفة من غزو الأعداء (1-2)
أعداء الأمن كما وصفهم القرآن الكريم