إن من حكمة الله البالغة أن أرسل لنا القرآن منهاجاً نتبعه ونحكِّمه في جميع أمورنا، ومن الأمور التي ينبغي أن نتبعها أساليب القرآن في الدعوة إلى الله، وفيها أسلوب القصص، فالقصص لها مكانة عظيمة في الدعوة إلى الله.

فوائد القصص التي في سورة الكهف

بين يدينا سورة من كتاب الله الكريم، سورة عظيمة حوت قصصاً عجيبة، إنها قصص الأسباب والمسببات، والإيمان والإلحاد، والغيب والشهادة، قصص تستأصل جذور التعلق بالمادية وأصول الدجل وأساليبه وتلبيساته، تفضح عباد الدنيا، والمتعلقين بزينتها، والفاشلين في ابتلائها.

قصص تبين حدوث الأسباب وما وراء الأسباب، والإيمان بالغيب، والرجم بالغيب، قصص الصراع بين الإيمان والمادة، والآثار المترتبة على هذا الصراع في العقيدة والعمل والأخلاق والسلوك والآثار والنتائج، قصص تفضح عبثية المحاولات التي تبذل من أجل محو الحق أو تحريفه أو تشويه الحقائق أو العبث بها.

قصص عجيبة في توجهاتٍ سديدة، وعظات بالغة، تأخذ بمجامع القلوب، وتنطوي على صور مشرقة من الجهاد والمجاهدة، والكفاح والتضحية.

سورة الكهف، لقد حوت قصصاً أربع، هي من أحسن القصص

قصة أصحاب الكهف، وقصة صاحب الجنتين، ثم إشارات إلى قصة آدم وإبليس، وقصة موسى عليه السلام مع العبد الصالح، ثم تختم السورة بقصة ذي القرنين.

إنها قصص الأسباب وما وراء الأسباب، ولعل من الأسرار في هذه السورة العظيمة ما جاء عن نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف -وفي رواية لـ مسلم: من آخر الكهف- عصم من فتنة الدجال)1(1) رواه مسلم وأبو داود..

قانون الأسباب والسنن وما وراء الأسباب والسنن

إن من شرح الله صدره للإيمان، ووهبه نعمة النظر والتدبر تتجلى له الآيات العظيمة، فيرى قانون الأسباب والسنن وما وراء الأسباب والسنن، فأصحاب الكهف لبثوا في كهفهم: (ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) [الكهف:25] (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُود لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) [الكهف:18].

وصاحب الجنتين اعتمد على حوله وقوته: (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً) [الكهف:34]، ومن يا ترى ينفعه وينجيه؟ (وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً * أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً) [الكهف:40 – 41] (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً) [الكهف:43].

والعبد الصالح قال لموسى عليه السلام: (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) [الكهف:67 – 68].

أما ذو القرنين فملك صالح مكن الله له في الأرض وآتاه من كل شيء سببا.

والدجال يفتن بماله وكنوزه وما يجري الله على يديه من البلايا والفتن فهي فتن المادة ومغريات المادة.

في هذه القصص تتجلى قدرة الله عز وجل وحكمته على مخالفة سنن الكون، ونواميس الحياة التي يألفها الناس، وإيجاد الخوارق والمعجزات التي لا يدركون عللها وأسرارها، فأصحاب الكهف ناموا نومتهم الطويلة المئين من السنين.

والعبد الصالح خرق السفينة وقتل الغلام وأقام الجدار في أفعالٍ لم يحط بها نبي الله موسى عليه السلام خُبرا.

وذو القرنين بلغ مغرب الشمس كما بلغ مطلعها.

في هذه القصص بيان للمنهج في البعد في الخوض فيما لا يحيط به علم بشر، ولا تدركه عقولهم من أمور الغيب، وصرف المراء فيما لا طائل تحته: (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً) [الكهف:22].

(قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) [الكهف:70].

إنها قصص الأسباب وما وراء الأسباب، وقصص المادة وما وراء المادة، وفي أعقاب الزمن يعيش الناس حضارة مادية سلبت ألباب أصحابها، تشوهت فيها الحقائق، وقام عندهم الشك والريب في الغيب والشهادة، والأولى والآخرة، فلسفاتٍ مادية حلت محل الأديان، وسحرت النفوس والعقول، أدت في كثيرٍ من مساراتها إلى كفر وإلحاد، وزندقة وفساد مسارات تعارض النبوات والإيمان بالغيب، واحترام الشرائع وتعظيم الشعائر.

ترى فيهم الانهماك فيما يحقق الدلائل البدنية، والمنافع العاجلة والمبالغة في متع الحياة الدنيا، والاتجاه إلى التحلل من المثل والقيم، والأخلاق والفضائل، بل حصروا تنافسهم في السيطرة على أسباب هذه القوى المادية وطاقاتها، ترى ذلك في أقلامهم وقرائحهم، وشعرهم وأدبهم وقصصهم وملاحمهم وبطولاتهم ومغامراتهم، بل في حروبهم وثوراتهم، وإبداعاتهم واختراعاتهم، ناهيك بأفكارهم وفلسفاتهم، كل ذلك في المادة ومتعها: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً) [الكهف:7 – 8].

الملاحدة ضلوا عما وراء الأسباب

ومن غير المنكور أن هذا الكون بني بإذن الله على سنن وأسباب لا تتقلب، وخصائص للأشياء قل ما تفارقها، ولكن الماديين والملاحدة ضلوا عما وراء الأسباب، ضلوا عن رب الأرباب الذي بيده الأمر كله، وإليه يرجع الأمر كله، يحيي ويميت، يمحو ما يشاء ويثبت: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [يس:82] جهلوا أن هناك أسباباً مؤثرة أخرى فوق القوى المادية وأسبابها، لها نتائجها وآثارها من الإيمان والعمل الصالح، وطاعة الله وحسن عبادته، والعدل، والبر، والمودة، والمكانة، وجهلوا أن ثمة أسباباً مضادة من الكفر والإثم والبغي والفساد في الأرض والظلم وغلبة الشهوات وفشو الآثام.

عرض موجز لقصة أصحاب الكهف

ولمزيدٍ من البيان التطبيقي والإيضاح العملي، فهذا عرض في إيجاز لقصة أصحاب الكهف، يتجلى فيها الجمع بين السنن والخوارق، والنواميس والمعجزات، إن هذه القصة على ما فيها من العجائب فهي ليست بأعجب آيات الله، ففي هذا الكون من العجائب المبثوثة، والآيات المنثورة، ما يفوق العجب من أصحاب الكهف والرقيم: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً) [الكهف:9].

أصحاب الكهف شباب اجتمع لهم الإيمان والفتوة

أصحاب الكهف فتية من صالح قومهم، ثبتوا على دين الحق، لما شاع الكفر والشرك في قومهم، وانتشر الباطل والبغي في ديارهم: (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً * هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً) [الكهف:13 – 15].

شباب اجتمع لهم الإيمان والفتوة، تحققت لهم الهداية والثبات، سلمت قلوبهم من الحيرة، وامتلأت شجاعة وسكينة، آثروا رضا الله على زينة الحياة ومتعها، تلجأ إلى ربها في كهفها حين يعز عليها أن تعيش به في الناس: (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً) [الكهف:16].

مع الإيمان كان الكهف أكثر سعة ورحابة من الدنيا كلها

الكهف ضيق خشن، ولكن حمى الله أوسع وأرحم، السعة في الإيمان والقلوب وليست في الأجساد والكهوف، والرحاب في رحمة الله وليست في الجدران والكهوف، رحمة الله حين تنتشر في القلوب والآفاق، تتمثل في مظاهر لا يحصيها العد، تتمثل في الممنوع كما تتمثل في الممنوح، يجدها من يفتحها الله له في كل شيء ولو فقد كل شيء، ويفتقدها من يمسكها الله عنه في كل شيء ولو وجد كل شيء، ما من محنة تحفها رحمة الله إلا وهي نعمة، من داخل النفس مع رحمة الله تتفجر ينابيع السعادة والرضا والطمأنينة، ومن داخل النفس مع إمساكها يدب القلق والنكد والنصب، وجدها أصحاب الكهف في كهفهم حين فقدوها في المدن والدور.

من أحب قوماً سعد بهم

ثم العجب من هذا: (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) [الكهف:18]، الكلب قد بسط ذراعيه في مدخل الكهف، ومن الطرائف في ذلك ما ذكره بعض أهل العلم إذ قال: إن الكلب قد مد ذراعيه عند عتبة الباب ومدخله ولم يكن داخل الكهف حتى تدخل كهفهم الملائكة، وطريفة أخرى وذلك أنه لما كانت التبعية والصحبة مؤثرة فقد أثرت في الحيوان فسعد برفقتهم، فما ظنك بمن تبع الأخيار من بني آدم وصحبهم ومن أحب قوماً سعد بهم.

ثم يأذن الله ببعثهم بعد هذه المئين من السنين، (وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ) [الكهف:19] لا يدرون كم لبثوا فقصارى علمهم أنهم أدركهم النوم فناموا ثم استيقظوا، ثم رأوا أنه لا طائل من هذا السؤال، وليس من المهم معرفة الجواب، ففوضوا الأمر لله وانصرفوا إلى شأنهم: (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ) [الكهف:19].

لا تقف ما ليس لك به علم

وتختصر القصة ليدرك هؤلاء الفتية وليعلم الناس الذين استيقظوا في عهدهم كم من الأحوال قد تغيرت؟ وكم من الأعوام قد انقضت؟ وكم من الدهور قد طويت؟ وكم من الدول قد زالت؟ (وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا) [الكهف:21] فهذه هي الغاية، وهذا هو المغزى، وحين تنازعوا في عددهم جاء التوجيه، (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً) [الكهف:22] صيانة للطاقة العقلية أن تبدد في غير ما يفيده، وحتى لا يقفو المسلم ما ليس له به علم، فهذه أحداث طواها الزمن فهي من الغيب الموكول علمه إلى الله علام الغيوب.

هذه قصة الصراع بين الحق والباطل، وصورة مواجهة بين الإيمان والمادة، والتعلق بالأسباب والاعتماد على رب الأرباب سبحانه وبحمده.

(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً) [الكهف:13].

وصايا للنبي صلى الله عليه وسلم في سورة الكهف

تحقيق التوازن بين التوكل والأخذ بالأسباب

ونختم بتوجيه الخطاب إلى نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم: (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) [الكهف:23 – 24] فإذا كانت القصة تحكي حال الغيب الماضي، فكذلك حال غيب المستقبل، إن كل حركة وسكون وكل نفس من الأنفاس مربوط بإرادة الحي القيوم، وسجل الغيب محاطٌ بحجب عن الأعين والعقول فهي غير قادرة على أن تدرك ما وراء هذه الحجب فالعقول محدودة وقوى البشر قاصرة، وهذه العقيدة الراسخة الثابتة في الغيب، والأسباب لا تدعو إلى كسر التوكل، ولكنها تحقق التوازن بين التوكل والأخذ بالأسباب، فلا يحس المرء بالخوف والتردد وهو يفكر ويدبر ويخطط، كما لا يشعر بالغرور والبطر وهو ينجح ويفلح ويحقق، مرتبط بالله وذكره، مؤمل في هدايته ورشده: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً) [الكهف:24].

لزوم الذين سعدوا بالإيمان والتوحيد

ثم الوصية الأخرى لنبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم ومن معه بالتمسك بحبل الله، بالتمسك بالسبب الأقوى سبيل الإيمان وسبيل القرآن ذلكم هو لزوم الذين سعدوا بالإيمان والتوحيد واليقين والذكر والدعاء وإن كان حظهم من الدنيا قليلا، ونصيبهم في المتع منقوصا: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [الكهف:28].

ترك مخالطة أهل الهوى

ثم التحذير والنهي عن الانسياق مع من قد تعلق بالمادة وزخارفها المتشبع بروحها، قد انغلق قلبه وأسرف على نفسه: (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) [الكهف:28].

الهوامش

(1) رواه مسلم وأبو داود.

المصدر

المكتبة الشاملة: محاضرة للشيخ صالح بن عبد الله بن حميد.

اقرأ أيضا

عمر بن العبد العزيز نماذج من جرأته في الحق وحزمه وحكمته

جهاد السلطان بيبرس

نور الدين الشهيد.. حامل رايتيْ العدل والجهاد

التعليقات غير متاحة