يأخذ الغرب الصليبي، والصهاينة؛ أمر أمنهم ومستقبل أممهم بقوة وحسم، بينما يعبث المتحكمون في مقدرات الأمة، بأموالها وثرواتها؛ ويفرضون على الأمة مواقف الضعف والتراجع.

مقدمة

يقف المسلمون موقف العجز أمام العدو الصهيوني، وهو مشهد عجيب سيظل التاريخ يتأمله؛ أن بضعة شراذم من الصهاينة يحتلون المقدسات في قلب بلاد المسلمين، ومِن حولهم ملايين المسلمين، ينتسبون الى دين يأمر بإقامة الصلاة والزكاة وإقامة الدين، وبفريضة الجهاد، ويفرض العزة ويحرم الاستخذاء أمام الكافرين والوهن أمامهم.

يظل الخطباء على المنابر ينادون بـ “تحرير القدس”، ثم ينادي السياسيون معهم، وأحيانا يلحق بهم الحكام..! الى أن استقروا أخيرا على إدخال الكيان الصهيويني كجزء من نسيج المنطقة..! ولا مانع من التخلي عن الإسلام والعروبة والجهاد والعزة من أجل قبول الوليد اللقيط القادم من بلاد الغرب بكفرها وظلمها.

ثم يتفاجأ المسلمون أن هذا الكيان القزم، يملك ما لا يملكون ومعه من قوة العتاد والتكنولوجيا والتطور ما لا يملكون؛ وبدلا من أن يعرفوا أن حكامهم هم العدو الأدنى الذي فرض عليهم هذه المعادلة ورسّخ هذا الفارق؛ إذا بالبعض يتشكك في دينه وكأن الإسلام ـ الذي يرفض هذا ويحرمه ويعاقِب عليه ـ كأنه مسؤول عن ما آلت اليه الأوضاع.

وهنا إطلالة بسيطة على هذه المفارقات والتنويه على بعض الدلالات.

جَلَد الفاجر وعجز الخونة

“تناولت الصحافة الإسرائيلية بتوسع حجم الصادرات العسكرية الإسرائيلية.

وشهدت الصادرات العسكرية الإسرائيلية ارتفاعا بصورة ملحوظة .. ما حقق أرباحا وعوائد مالية بقيمة (9.2) مليار دولار.

وبحسب هيئة البث الإسرائيلية فقد أشارت معطيات الهيئة المعنية التابعة لوزارة الحرب الإسرائيلية، الأربعاء، إلى أن “خارطة التوزيع الجغرافي لمستوردي الأسلحة الإسرائيلية جاءت كالآتي: آسيا والمحيط الهادئ بنسبة  (58 %)، وأوروبا بنسبة (21 %)، أمريكا الشمالية (14 %)، وأفريقيا (5%)، أمريكا اللاتينية (2%.)

وتشير بيانات وزارة الحرب الإسرائيلية إلى أن “أهم جوانب صادرات الأسلحة الإسرائيلية في عام (2017) جاءت على النحو الآتي: الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي (31%)، أنظمة رادارية وتقنيات إلكترونية (17%)، إلكترونيات للمركبات المسيرة وإلكترونيات فضائية (14%)، ذخيرة وأسلحة (9%)، أنظمة اتصالات (9%)، أنظمة مراقبة (8%)، أنظمة استخباراتية ومعلومات وسيبرانية (5%)، خدمات وممتلكات متنوعة (3%)، طائرات من دون طيار (2%)، أنظمة عسكرية بحرية (1%)، أقمار صناعية وصناعة الفضاء (1%)..

“وأوضح بن باروخ أن “إسرائيل تعتبر من ضمن الدول العشر الأكثر تصديرا للوسائل الأمنية والدفاعية في العالم”.

وذكرت الصحيفة أن “الجانب المظلم في تصدير السلاح الإسرائيلي إلى الخارج ذلك المتعلق بوصوله إلى دول تشهد حروبا أهلية كجنوب السودان ورواندا، وإمكانية استخدامه في انتهاكات حقوق الإنسان”. (1)

استيراد العرب للسلاح .. عجز وتسول

“ازداد استيراد الأسلحة بالشرق الأوسط بنسبة (103%) خلال العشر سنوات الماضية، ليشكل (32%) من حجم الأسلحة المستوردة على مستوى العالم.

واحتلت السعودية المرتبة الأولى من بين دول الشرق الأوسط من حيث استيراد الأسلحة، وجاءت كثاني أكبر مستورد للسلاح في العالم بعد الهند.

وارتفعت نسبة استيراد السلاح في السعودية بنسبة (225 %) خلال السنوات الخمس الماضية مقارنة بالسنوات الخمس التي سبقتها.

وزودت الولايات المتحدة والدول الأوروبية السعودية بأكثر من (98 %) من احتياجاتها من الأسلحة، حيث تستورد (61 %) من أسلحتها من الولايات المتحدة و(23 %) من بريطانيا”. (2)

المكانة التصديرية لـ “الصهاينة

“أفاد تقرير صادر عن معهد “ستوكهولم” الدولي لأبحاث السلام “سيبري”، أن إسرائيل عززت مكانتها كأكبر دولة مصدرة للأسلحة لجميع أنحاء العالم، حيث احتلت المرتبة السابعة عالميا في تصدير الأسلحة، فيما ارتفعت صادرات الشركات الإسرائيلية لصناعات الأسلحة، بحوالي (55%) على مدار السنوات الماضية.

“الطائرات بدون طيار” كانت أهم الصفقات العسكرية الإسرائيلية لكثير من دول العالم، وربما تعتبر أيقونة الأسلحة الإسرائيلية، في الفترة الأخيرة”. (3)

شراء الدول العربية للسلاح الإسرائيلي

“ومع تطور العلاقات العربية ـ الإسرائيلية، بشكل إيجابي، وما تبعه من تطور، غير مسبوق، في التعاون الأمني، بما في ذلك بيع الأسلحة الإسرائيلية للدول العربية، وهو ما يحدث وراء الكواليس، أو عبر دولة ثالثة، لتكشف وسائل الإعلام الإسرائيلية، المنشورة باللغة العبرية، بعض من هذه التفاصيل المهمة، وإن أخفت البعض الآخر؛ لأسباب تتعلق بنشر معلومات سرية من شأنها الإضرار بالأمن القومي الإسرائيلي وحلفاء إسرائيل.

نشرت القناة الثانية العبرية تقريرا مفصلا حول ذلك الأمر، في العام (2015)، جاء فيه أن إسرائيل من أكثر الدول تصديرا للسلاح، حتى أن هذه الأسلحة وصلت لدول عربية لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، مثل اليمن، والمغرب، وسوريا، ناهيك عن مصر والأردن بالقطع، باعتبار أن كل منها تقيم علاقات دبلوماسية مع تل أبيب. وذلك كله باستثناء العراق وإيران ـ بحسب صحيفة “هاآرتس” العبرية، فإن إسرائيل باعت الجزائر أسلحة إلكترونية، وللإمارات العربية المتحدة أسلحة دفاعية ضد الصواريخ وأسلحة حرب إلكترونية، رغم أن كل منها لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وهو ما ينطبق على المغرب التي اشترت أسلحة حرب إلكترونية، ومن المحتمل الأسلحة نفسها لمصر أيضا. وذلك بين الأعوام (2008 ـ 2012).

فيما باعت لباكستان أسلحة رادارية وإلكترونية، والأسلحة ذاتها للأردن وللقوات السعودية باليمن، وذلك كله رغم نفي هذه الدول شراء تلك الأسلحة من إسرائيل ـ بحسب الصحيفة العبرية. مع الإشارة إلى أن أكثر الأسلحة مبيعا للدول العربية هي المعدات الإلكترونية، وأجهزة الاتصالات والمراقبة.

ومن بين الدول العربية الأكثر شراء للأسلحة الإسرائيلية هي الأردن، التي تقيم علاقات دبلوماسية معها، حيث ساهم تنظيم “داعش” في التقارب بين الطرفين.

وعلى الرغم من عدم إقامة السعودية لعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل، فإن تقرير القناة العبرية الثانية أشار إلى وجود أسلحة إسرائيلية في السفارة السعودية باليمن، في العام 2015، وذلك في إطار الحرب الدئرة في اليمن، لمواجهة الحوثيين. وذلك مع ذكر القناة الثانية في موضع آخر أن السعودية اشترت أسلحة إسرائيلية عبر طرف ثالث، ممثل في جنوب أفريقيا أو الأردن”. (4)

امتلاك العدو للتكنولوجيا وقدرته على التطوير

“قالت غيلي كوهين المراسلة العسكرية في صحيفة هآرتس إن الصادرات العسكرية لإسرائيل شهدت ارتفاعا متصاعدا وبلغت قيمتها خلال العام المنصرم قرابة (6.5) مليارات دولار بارتفاع قيمته (800) مليون دولار عن العام الذي سبقه 2015، الذي بلغت فيه قيمة الصفقات (5.7) مليارات دولار”. (5)

مبيعات الأسلحة

“ونقل عن رئيس دائرة تصدير الأسلحة بوزارة الدفاع الإسرائيلية الجنرال ميشال بن باروخ أنها السنة الثانية على التوالي التي تشهد ارتفاعا متصاعدا في حجم مبيعات الأسلحة الإسرائيلية خارج الحدود إلى مختلف دول العالم، بتوقيع العشرات من الصفقات الجديدة.

وأوضح أن نسبة كبيرة من الصفقات تم تنفيذها في قارة آسيا ومنطقة المحيط الهادي بقيمة (2.6) مليار دولار، مما يشير إلى تعزز موقع إسرائيل في سوق السلاح العالمي.

وقال إن غالبية الصفقات بنسبة (20%) تركزت في اقتناء الطائرات القتالية، و(18%) في شراء وسائل الرؤية والمراقبة، و(15%) في الصواريخ والدفاعات الجوية، و(13%) في الذخيرة الحية، والنسب الباقية موزعة على مختلف الأسلحة والمنظومات القتالية.

وأشار باروخ إلى أن تزايد الطلب العالمي على السلاح الإسرائيلي يعود إلى الجودة والنوعية التي يمتاز بها، لا سيما منظومات السايبر وإجراءات حماية الحدود والمدن الذكية والتكنولوجيا المتطورة”. (6)

دلالات واعتبار

ثمة عِبر للفهم والاعتبار:

1) يأخذ الكفار ـ صهاينة وصليبيين ووثنيين ـ أمر أمْنهم ومستقبل أممهم بقوة وحسم، بينما يعبث المتحكمون في مقدرات الأمة، بأموالها وثرواتها؛ فيبقون ضعفاء متسولين، ينتظرون من “العدو” السلاح ليحاربوه بزعمهم وليحموا منه شعوبهم..!

وهي أضحوكة كبرى، تتبدى للعيان حين تناديهم شعوبهم لمواجهة العدو الصهيوني وتحرير القدس، بينما هم يتعاملون مع “العدو” الذي يتفوق عليهم؛ فبينما هم في ملذات محرمة وتراخٍ وتبعية يستمتعون بها، ويستمرؤون بها المذلة؛ تجد العدو يبحث عن العلوم ويمتلك القوة، ويراكمها ويوطنها في بلاده من خلال أدمغة تحملها وعلوم تستقر، ثم يطورها ويطبقها.

في حين أن الله تعالى أمر المسلمين بقوله ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾ (الأنفال: 60) لكنهم أصبح المسلمون في أيدٍ خائنة غير أمينة، تابعة غير مستقلة، تتنكر لدينها بل تحاربه لتأخذ من العدو صكا يسمح لهم بالتواجد والتوريث، وليحصلوا على الرضا عن أشخاص حكامهم وعن أجهزتهم. ومن يحاول الخروج عن هذه التبعية يؤلّبون عليه شعبه أو يدكّون بلاده، وذلك لأنه وحيد بين خونة يحوطون به وأمة منصرفة مشوهة الوعي.

2) عندما تطّلع بنظرك الى الصهاينة وتصرفهم في أموالهم؛ فبقليل من الأموال يدركون به الكثير من القوة؛ بينما عشرات المليارات يضخها العرب والمسلمون فيقيمون اقتصاد الغرب، ويصدأ السلاح المُشترَى لا يستطيعون على الأقل صيانته، ويبقون في عماية عن العلوم التي بها يصنّعون.

3) مع مرارة واقع المسلمين لكن ثمة دلالة يجب ألا يغفلها المسلمون والمحترقون على أمتهم والناصحون لدينهم؛ وهي أن هذا “التكبيل” للأمة عبر هؤلاء المتحكمين فيها الذين يفرضون عليها هذا الضعف؛ لا يحدث لولا أن فيها حياة وقوة، وبها إمكانية للعودة ـ هذا بنظر العدو بينما بنظرنا هي عودة حتمية لوعد الله تعالى.

4) أن هذا البناء الذي بناه الغرب الصليبي وامتداده الصهيوني قد يتهاوى في لحظة، وتأخذ الأمة دورها وتستدرك ما فاتها.

ولذا يجب ـ باستمرار ـ عدم ضياع الوعي وعدم الغفلة، وعدم التخدير للأمة بتوجيه النداء في غير محلّه.

………………………………………

هوامش:

  1. موقع مصر العربية، على الرابط:
    صادرات إسرائيل من الأسلحة الأعلى في تاريخها.. ما قيمتها وأين وجهتها؟
  2. موقع عرب 48، على الرابط:
    إسرائيل السابعة عالميا بتصدير الأسلحة والشرق الأوسط السوق الأكبر
  3. موقع “Sputnik” عربي على الرابط:
    تعرف على الدول الأكثر شراء للأسلحة الإسرائيلية
  4. المصدر السابق.
  5. موقع الجزيرة، على الرابط:
    5 مليارات دولار صادرات السلاح الإسرائيلي
  6. المصدر السابق.

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة