عندما تتساقط القيادات الحاكمة في التصهين وولاء الكافرين والتفريط في حقوق الأمة وثوابتها؛ قد ييأس البعض؛ لكن بالنظر الى قدر الله، ثم الى الشعوب؛ يجد فيها من الخير ما يعلم به أن المسلمين يملكون من القوة أكثر، وهو يحتاج الى التفعيل وحسن التصرف.

الخبر

“شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، الخميس، تظاهرة شارك فيها المئات، للتنديد بالتطبيع الإماراتي مع إسرائيل، والتضامن مع الشعب الفلسطيني. وقام المتظاهرون بدوس العلم الإسرائيلي تحت أقدامهم قبل أن يتم إحراقه في ساحة التظاهرة بمديرية “كريتر”.

وجاءت التظاهرة ردا على تصريحات للقيادي السلفي في المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، “هاني بن بريك”، أعلن فيها دعمه للتطبيع واعتزامه زيارة إسرائيل في خطوة اعتبر مراقبون أنها على خطى الممول.

ورفع المتظاهرون، الذين جابوا شوارع في مدينة عدن، علم فلسطين، ولافتات مكتوب عليها “التطبيع خيانة”..
وهاجم ما وصفه المجرم “نتنياهو” بـ “الصديق السري الجديد لإسرائيل” في جنوب اليمن، والمشاورات التي تكشفها مع أحد المكونات التابعة لدولة الإمارات، بحسب ما كشفته الصحف الصهيونية، في إشارة إلى المجلس الانتقالي المدعوم من أبوظبي”. (1موقع “العربي الجديد”: عدن توجه صفعة لأتباع الإمارات: مظاهرة ضد التطبيع
موقع “عربي 21”: مئات اليمنيين يتظاهرون في عدن رفضا للتطبيع
)

التعليق

نشير في هذا الخبر الى دلالتين:

الدلالة الأولى) لقد ذكرنا هذا الخبر ـ مع تحفظنا على التوجهات القومية أو الانفصالية للحراك الجنوبي، ورفضنا له عقديا ـ لكن هذا الحراك راجع للهوية الإسلامية التي لا تستطيع الشعوب التخلي عنها أو تركها. فهذا الحراك حدثَ في المناطق التي توجد بها قوات إماراتية وسيطرة لها ولأذنابها.

إن الخيانة في القيادات ـ والأتباع لهم ـ لا تُفقدنا الأمل والرجاء في الله تعالى ثم في (الأمة) بمجموعها، بل إن العقائد العارضة ـ كالقومية وغيرها ـ التي تختل بها قطاعات من المنتسبين للإسلام يمكن بالدعوة والبيان عودتها لصحيح المعتقد والاستقامة والولاء. وإنما تعظم الانحرافات لوجود من ينفخ فيها من العدو الخارجي وقيادات المنافقين في الداخل. ولو أُخذ على أيدي هذه الرؤوس وخُلي الطريق للمسلمين لعادوا الى دينهم عن رضا وطواعية، بل وعن محبة وشوق.

والدلالة الثانية) أن هذا الشعور والموقف هو شعور الأمة وموقفها وأن القيادات الخائنة إنما هذا قرارها الإجرامي، ثم تستتبع فريقا من ساقطي الخلق، وتخدع آخرين، ثم تستمر مهمتها في التضليل والإغواء والإفساد ليقبل الناس جريمتهم. وهذا ليس وضعا طبيعيا، ولا يقبل الاستمرار. إنما الوضع الطبيعي أن تكون القيادات معبرة عن الأمة ونائبة عنها، ومتكلمة باسمها ومستهدفة لمصالحها. وأن القيادات لو انحرفت فعلى الأمة أن تغيرها كما أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، «أعجزتُم إذ بعثتُ رجلًا منْكم فلم يمضِ لأمري أن تجعلوا مَكانَهُ مَن يمضي لأمري». (2أخرجه أبو داود (2627) واللفظ له، وأحمد  (17048))

إننا نقول هذه الكلمة لئلا ييأس المسلمون، وأن يعلموا أن قواعد الأمة مختلفة ومفارقة لتلك القيادات المجرمة التي تقودها الخيانة. ولو أتيحت الفرصة لبقية المسلمين في الإمارات أو السودان أو مصر أو السعودية للتعبير عن رأيها بدون المذابح المروعة؛ لكان لها رأي واضح وحراك أكبر وزخم أعظم بكثير..

وفي النهاية لا بد أن يعتدل الميزان والطريق، وأن الاعوجاج في الرؤوس لا بد أن يقوَّم أو يُقطع، وأن هذا الوضع الشاذ سينهار لو تغيرت بعض عوامله. والأمور بيد الله. وما يملكه المسلمون أكثر مما يمكله الطغاة. فلا يقطعن أحد بحالة اليأس أو الإحباط؛ وإنما يبقى على الطريق ويرجو ربه، وفي رحم الغيب أحداث كلها بيد الله، وقد وعد الله المؤمنين بالنجاة ﴿ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (يونس: 103)، ووعدهم بالنصر ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ (غافر:51)

الحراك في عدن، وتحت سيطرة قوات شياطين الإمارات ـ ولو من بضع مئات ـ هو دلالة وتعبير عن رفض الأمة بأكملها للخطوات الإجرامية لحالة الهرولة والتطبيع وولاء الكافرين التي يسارع فيها المجرمون.

……………………………..

هوامش:

  1. موقع “العربي الجديد”: عدن توجه صفعة لأتباع الإمارات: مظاهرة ضد التطبيع
    موقع “عربي 21”: مئات اليمنيين يتظاهرون في عدن رفضا للتطبيع
  2. أخرجه أبو داود (2627) واللفظ له، وأحمد (17048).

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة