يظهر للمسلمين كل يوم مدى سوء ونفاق الكثير ممن يتصدرون المؤسسات الدينية لإسلامية، في حالة تثير السخرية والأسى في آنٍ واحد.

الخبر

“فجّر بيان رسمي صادر عن ديوان الإفتاء بتونس موجة جدل تراوحت بين السخرية والاستهجان في مواقع التواصل الاجتماعي، بعد إعلان مفتي الديار “تعليق إجراءات اعتناق الإسلام” توقيا من عدوى فيروس كورونا.

وأكد ديوان الإفتاء عبر صفحته الرسمية على فيسبوك ـ الاثنين (9/3/2020) أنه “في نطاق الاحتياطات المتبعة للتوقي من فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، فقد وقع التعليق الوقتي لإجراءات اعتناق الإسلام أو التثبيت عليه، إلى موعد لاحق”.

وطالت الانتقادات ديوان الإفتاء بخصوص سرعة اتخاذ هذا الإجراء في وقت لم تسارع فيه وزارات كالتربية أو النقل إلى اتخاذ إجراءات مماثلة، من إغلاق المدارس أو إلغاء الرحلات من الدول الموبوءة وإليها. ووصفه البعض أنه “سخيف”.

وانتقد بعض أساذتة الشريعة القرار مقترحا أن يتم توكيل شخص آخر من ديوان الإفتاء لاستكمال إجراءات اعتناق الإسلام للأجانب بدل تعليقه”.

وتساءل رئيس قسم الشريعة والقانون “ماذا لو وافت المنية هذا الشخص القادم لتونس والذي أراد أن يشهر إسلامه بعد تعليق الإجراء، هل سيُدفن في مقابر المسلمين؟ هل سيمنع من تقسيم ميراثه لعدم وجود شهادة رسمية صادرة عن دار الإفتاء تثبت إسلامه..؟”. (1موقع “الجزيرة” 9/3/2020، على الرابط: بسبب كورونا.. ديوان الإفتاء بتونس يعلق إجراءات اعتناق الإسلام
موقع “المصريون”، 10/3/2020، على الرابط: وقف اعتناق الإسلام في دولة عربية بسبب “كورونا”
)

التعليق

يبذل المسلمون أرواحهم ودماءهم جهادا في سبيل الله لكي يصِلوا الى الخلق، بدين الله تعالى، ويزيلون الحواجز التي تحول دون وصول الحق الى الناس، والتي تتمثل في الطغاة والأنظمة والأوضاع التي يُنشؤونها فتفتن الناس عن دين الله، أو تشوّه الحق، أو تحول دون وصوله، أو تمنع من أراده من اعتناقه وتفتنه وتعذبه على دينه.

هذا من الأهداف الرئيسة لشعيرة الجهاد الماضية الى يوم القيامة، والتي يدخل بها المسلمون على الكفار عقر دارهم، والتي يذلّ المسلمون إن تركوها. كما قال أبوبكر الصّدّيق رضي الله عنه «ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا».

يحمل المؤمن دينه، ويذود دونه، ويبذل روحه ودمه، ويفارق أهله وبلده، ويستشهد لله تعالى؛ لتوصيل الحق للخلق.

وعندما يُسلم أحد الكفار يبكي المؤمن فرحا بأخيه الجديد ويرى أنه انجاز ويرجو أن يكتب الله له أجر أنه أسلم على يديه رجل فحيا من موت ونجا من ضلالة وهلكة؛ كما قال رسول الله «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حُمْر النعم». (2رواه البخاري)

هذا جانب؛ فإذا جاء الكافر من بلاده يريد الله والإسلامَ ويريد أن يعلن إسلامه لتترتب عليه الحقوق الخاصة بالمسلم في بعض الشؤون التي لا تزال باقية الى اليوم في ظل الدولة الحديثة بأنظمتها المجرمة التي لم تُسلم بعد.. إذا جاء الكافر يريد الإسلام فينصرف عنه هؤلاء ببلادة حِس وجمود شعور واستهتار ولا مبالاة وعدم حراك قلب، ثم يتركون للناس هاتفا ليرد عليهم أحدهم أن الدار مغلقة الى حين..! فهذه جريمة عقدية ودينية؛ بالإضافة كونها جريمة سُخف أخلاقي وتهريج، واستخفاف لا يليق بجدية دين الله تعالى.

ما يحدث من مثل هذا القرار المذكور له دلالة واضحة على حالة التبلد في الشعور والحس والاستهتار بقيمة العقيدة وقيمة الإسلام ودوره في الحياة، بل وفي قيمة العلم الذي يحملونه أو يدّعونه أو ينتسبون اليه..!

وهذا التبلد بدوره لا يبتعد عن النفاق والتهمة به.

وفي منصوص العلماء والفقهاء أن مجرد “الاستيناء” بمن يريد  الإسلام؛ بمعنى يقال له لمن أراد أن يسلم:”استأنِ” أي انتظر؛ فقد اختلف فيه الفقهاء هل هو كفر مخرج من الملة أم محرم تحريما شديدا.

فالفقهاء مختلفون في ردة وكفر من يُفترض أن يدخل الناس على أيديهم للإسلام..؟

لن تجد هذا التهريج في المنصّرين الذين يقومون بالحيل والنصب على الفقراء والمرضى بل وبمن هم في غرف العلمليات ليجبروهم على التصليب سعيا وراء تنصيرهم، ويعطون أدوية خطأ للمريض ويقولوا اذكر رب محمد، فلما لا يشفى بإذن الله يعطونه الدواء الصحيح ويقولون له اذكر اسم المسيح، فيشفى بإذن الله؛ ويروج بعض خداعهم القذر ليكفر الناس ويرتدون أو يتنصرون من وثنية..

فإذا كان أهل الباطل على جلَد وبذْل، وأهل الحق يتصدر فيهم المنافقون أصحاب اللهث على بطونهم؛ فهنا الشكوى على الإسلام وأهله، بل وعلى البشرية التي طالها الابتلاء من وجود هذه الجراثيم القذرة التي تخاف من جراثيم أقل خطورة منها على المسلمين وعلى البشرية..!

لقد كان أمام هؤلاء الخائفين من العدوى طرقا أخرى للوصول الى من يريد الإسلام؛ فثمة إجراءات بديلة لو كان الأمر يشغلهم الى هذا الحد؛ لكن استسهال إغلاق الأبواب تدلك على نوعية الموجودين في هذه المؤسسات وتعرف بها لماذا يعاني الإسلام وأهله، ولماذا قَلَّ ناصروا قضاياه من هؤلاء الرسميين.

ليسوا سواءا

لا يظن ظان أن هذا هو المطروح فقط، فمنذ متى كانت الأمة تعتمد ـ بعد الله تعالى ـ على مثل هؤلاء الرسميين والمنافقين..؟

ولكن هناك المجاهدون، وهناك من يدفع عمره ويترك طيب العيش في بلده ووظيفته ويخوض غمار الأحراش والمخاطر ويدب بين الغرباء يدعوهم الى الله تعالى. حتى كان هناك من أسلم على يديه أحد عشر مليون إنسان، (3مثال معاصر على هذا الدكتور عبد الحميد السميط رحمه الله) وهناك ما دون ذلك ممن سمعنا عنهم وممن لم نعرفهم، لكنهم معروفون بإذن الله في السماء وفي الملأ الأعلى.

لكننا أردنا أن يضع الناس أيديهم على سوء الحال وسوء الأنظمة وإفرازاتها حتى في المجال الديني، وسوء من يُختارون اختيارا لهذه المناصب حيث تقارير المخابرات والأمن تبحث عن هؤلاء للتنفير عن الدين ولأمن جانبهم أنهم لن يسعوا الى تمكين الإسلام ولا نشره ولا الدفاع عنه؛ وإلا فمن آثر أن يبقى الناس على كفرهم أو تتأخر حقوق من أسلم من مواريثه أو حقوقه بعد الموت أو غير ذلك، ولم يكلف نفسه أن يرتدي كمامة بسعر رخيص زهيد ـ لو استبد به القلق..! ـ وآثر بقاءهم على الكفر؛ فماذا يُرجى منه..؟! ومن أي أرض نبَت..؟!!

خاتمة

إن هذا يفسر تلكم المبالغة والتهويل في الاحترازات الوقائية من هذا المرض والتي طالت المناشط الدعوية ودور العبادة كما ذكر في هذا المقال، وكما هو الحاصل في بلاد الحرمين؛ كإيقاف العمرة وحلق تحفيظ القرآن والدروس العلمية وتقليص المكوث في المساجد بحيث لايتجاوز الوقت بين الأذان والإقامة  عشر دقائق ولاتتجاوزخطبة الجمعة مع الصلاة ربع ساعة فما معنى ذلك..؟؟؟  هل استغل المفسدون هذا الحدث في التنفيس عن حقدهم على هذا الدين..؟

ثم إننا نقول لإخواننا الذين هداهم الله بالدخول في الاسلام: إن دخولكم في الاسلام لا يتوقف على ديوان فتوى ولا غيره وإنما يكفيك أن يعلم الله تعالى صدقك في إسلامك بأن تنطق الشهادتين مع نفسك أو في جمع من المسلمين، ثم تتعلم أركان الاسلام وتلتزم بها.

……………………………..

هوامش:

  1. موقع “الجزيرة” 9/3/2020، ، على الرابط:
    بسبب كورونا.. ديوان الإفتاء بتونس يعلق إجراءات اعتناق الإسلام
    موقع “المصريون”، 10/3/2020، على الرابط:
    وقف اعتناق الإسلام في دولة عربية بسبب “كورونا”
  2. رواه البخاري.
  3. مثال معاصر على هذا الدكتور عبد الحميد السميط رحمه الله.

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة